المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 6.0 فلسطيننا > قدسنا > الإستيطان « الإسرائيلي» في القدس والشرعية الدولية

24 آب (أغسطس) 2019

الإستيطان « الإسرائيلي» في القدس والشرعية الدولية

إعداد

الأستاذ الدكتور نظام محمود بركات
قسم العلوم السياسية – جامعة اليرموك

مقدمــــة :

تحتل قضية القدس مكانة مرموقة في نفوس العرب والمسلمين عبر التاريخ فهي تشكل أولى القبلتين وفيها ثالث الحرمين الشريفين ، وهي تجسد التاريخ العربي والاسلامي العريق الذي يتمثل في كل اثر وموقع من آثارها وأماكنها التاريخية .

كما تشكل مدينة القدس قضية دولية تهم المجتمع الدولي والسلام العالمي ، كما تأخذ قضية القدس أبعاداً إنسانية تتعلق بالشعب الفلسطيني والتنكر لحقوقه وحرياته الدينية وحرمة أماكنة المقدسة .

وتعد قضية الاستيطان الإسرائيلي في القدس في طليعة القضايا الهامة في مجال القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، وتشكل هذه القضية ميداناً واسعاً للدراسة والتحليل ، وتعدد الأبعاد والجوانب التي يمكن بحثها في هذا المجال ، وسوف تركز هذه الدراسة على موقف الشرعية الدولية من عمليات الإستيطان .

تحديد مشكلة البحث :

لقد تم تحديد مشكلة البحث في دراسة موقف الشرعية الدولية من قضية الإستيطان الاسرائيلي في القدس المحتلة سنة 1967 بحدودها الموسعة أي القدس الكبرى .
وقد تم تحديد زمن الدراسة منذ سنة 1967 وحتى اليوم، وسوف تركزالدراسة على موقف الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية بخصوص القدس والاستيطان في القدس واستبعاد المواقف الفردية للدول واطراف الصراع الاخرى.
منهجية البحث :
تعتمد هذه الدراسة منهج تحليل المضمون Content Analysisفي دراسة قرارات الشرعية الدولية ، بخصوص القدس وسوف تلجأ الى المنهج التاريخي والمقارن أينما كان ذلك ضرورياً.
وسوف تستند هذه الدراسةعلى الوثائق والمصادر الأساسية في جمع المعلومات .
الهدف من البحث:
تهدف هذه الدراسة الى إثبات عدم شرعية عمليات الإستيطان الاسرائيلي في القدس استنادا الى قرارات الشرعية الدولية وموقف القانون الدولي . وسوف تحاول الدراسة الأجابة على الأسئلة التالية:
أ‌- ما هي الدوافع والمبررات التي تستخدمها إسرائيل لتبرير عمليات الإستيطان في القدس .
ب‌- ما هي أهم المبادرات والعمليات التي مارستها إسرائيل في مجال إستيطان القدس والسيطرة عليها .
ج- ما هو موقف القانون الدولي من قضية الإستيطان في القدس.
د- ما هي أهم قرارات الأمم المتحدة بخصوص الإستيطان في القدس .
هـ - ما هو مستقبل عمليات الإستيطان الاسرائيلي في القدس .

وسوف يتم تناول هذا الموضوع على النحوالتالي :

تبدأ الدراسة بتحديد أهداف ومبررات الإستيطان من وجهة النظر الاسرائيلية يتبعها وصف وتحليل للاجراءات الاسرائيلية لتهويد المناطق ثم بعد ذلك استعراض للعمليات الاستيطانية في القدس ثم تنتقل الدراسة لبحث موضوع الشرعية الدولية من خلال القانون الدولي ثم قرارات الأمم المتحدة بخصوص الاستيطان .
ت‌- أهداف ومبررات الإستيطان الاسرائيلية ( ):
في دراستنا لأهداف إسرائيل ومبرراتها لعمليات الاستيطان في القدس يمكن التمييز بين أربعة اتجاهات رئيسية اعتمدتها اسرائيل لتبرير عمليات الاستيطان والتهويد في القدس.

- الاتجاه الأول: يرتبط بين عمليات الاستيطان والاعتبارات الأمنية )

(ويرى هذا الاتجاه بأن عمليات الإستيطان الاسرائيلي ترتبط بنظرية الأمن القومي الإسرائيلي والتي تقوم على ضرورة توفر حقائق جغرافية تضمن الأمن الاسرائيلي وتوفيرالحدود الآمنة والعمق الاستراتيجي وأن الوجود الاسرائيلي في الأراضي المحتــلة مرتبط بالقضية الأمنية بمفهومها الواسع وليس مقصوراً على البعد العسكري فقط .
حيث يرى هذا الاتجاه بأن أي مستوطنة تقام في المناطق المحتلة يجب أن توفر لها الحماية الأمنية ,ان وجود هذه المستوطنات يدعم الوجود العسكري والأمني في المناطق المحتلة ( )
وقد عبر عن هذا الاتجاه في سياسات حزب العمل خاصة عقب حرب 67 مباشرة والتي تحاول تبرير عملية الاستيطان ضمن الاعتبارات الأمنية والعسكرية لضمان سلامة وأمن قوات الاحتلال داخل المناطق المحتلة ، ولذلك حرصت السياسة الاسرائيلية على اقامة المستوطنات ذات الطبيعة العسكرية والمحصنة في المناطق الاستراتيجية حول القدس لدعم
القوات الاسرائيلية في المنطقة ومنع عمليات المقاومة والتصدي للانتفاضة الفلسطينية واثارة نوع من الرعب للعرب وتهديد حياتهم اليومية لاجبارهم على الرحيل ومحاولة تحسين السيطرة العسكرية والأمنية على السكان العرب ومحاصرتهم ومراقبة نشاطاتهم واقامة جيش للمستوطنين للاستغناء عن تدخل القوات العسكرية .

- الاتجاه الثاني : ربط عمليات الاستيطان بالموقف التفاوضي والدوافع السياسية ( ) .

يرى هذا الاتجاه بأن الاستيطان يقوي الموقف التفاوضي لاسرائيل ويزود اسرائيل بورقة مهمة في المساومات المقبلة للوصول الى حل نهائي ويعمل هذا الاتجاه لفرض الشروط الاسرائيلية على عمليات التفاوض من خلال خلق أمر واقع ومحاولة خلق حقائق يصعب تغييرها في أي حل سياسي مستقبلي ، أو نتيجة قرار سياسي يصدر عن أية جهة حكومية أو دولية .
ويعمل هذا الاتجاه الى تجسيد عملية الضم الاسرائيلي للمناطق المحتلة من ناحية عملية ، وأن المستوطنات وجدت لتبقى ، وأن الوجود الاسرائيلي والسيطرة الاسرائيلية على القدس والمناطق المحتلة يرتبط الى حد بعيد بوجود المستوطنات ، تجسيدا لمقولة غولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة " الحدود حيث يتواجد اليهود " وأن وضع المستوطنات يقوي موقف اسرائيل التفاوضي . ويحاول التصدي لأي محاولات من الحكومات الاسرائيلية للتنازل عن المناطق المحتلة أو القدس ، وقد ساهم المستوطنون في هذه المناطق في تشكيل قوى ضاغطة على الحكومات الاسرائيلية من أجل عدم التراجع عن الاهداف الاسرائيلية في السيطرة على المناطق المحتلة سنة 67 ( ) .
وقد ظهر في الفترة الأخيرة اتجاه نحو محاولة تبرير الاستيطان من خلال الدعوة الى استمرار الاستيطان في المستوطنات القائمة ضمن مقولة الزيادة الطبيعية لسكان المستوطنات وذلك للتخلص من الضغوط الدولية لوقف الاستيطان، رغم أن معظم المستوطنات القائمة فارغة من السكان ، وسكانها موجودين في المدن الرئيسية الأخرى( ) .
وبشكل عام يرى هذا الاتجاه بأن زيادة عمليات الاستيطان والتغييرات على أرض الواقع ستقوي الموقف الاسرائيلي وتخلق نوع من الاحساس بالاحباط واليأس لدى العرب يدفعهم لتقديم المزيد من التنازلات ، ولذلك يحاول هذا الاتجاه المبالغة في إظهار حجم الاستيطان وفعاليته بقصد خلق قناعات لدى العالم بصعوبة التخلي عن المستوطنات والعودة الى حدود 1967 ، كما أن ابراز أهمية الاستيطان حاليا يساهم في انكار جوهر القضية الفلسطينية من أن هناك احتلال اسرائيلي وشعب فلسطيني يسعى لتقرير مصيره .

- الاتجاه الثالث : الربط بين الاستيطان والاعتبارات الدينية والعقائدية ( ) .

ويتبنى هذا الاتجاه القيادات الدينية والاحزاب اليمينية وهم يؤمنون بأن فلسطين وبالاخص مدينة القدس هي جزء من أرض الميعاد التي تقررها الشريعة اليهودية ، وأن أرض اسرائيل " Eretz Yisreal يهوداه والسامرة" ترتبط بالتوراة وهي أراضي مقدسة لليهود أينما كانوا وتربط وجودهم الروحي بوجودهم السياسي في القدس ، وبالتالي من حقهم السيطرة عليها والاستيطان فيها باعتبارها تمثل أرض اسرائيل الكاملة ،وفي المقابل يجب طرد السكان العرب من القدس وجميع الأراضي المحتلة لضمان السيادة لليهود ، وقد ركز هذا الاتجاه عن الاستيطان في مدينة القدس بالذات لأهميتها للتراث والعقيدة اليهودية والعمود الفقري للايديولوجية الصهيونية فهي تحاول تبرير شرعية الوجود اليهودي في فلسطين لحل المسألة اليهودية ، وأن على اليهود السعي لاستيطان فلسطين لاستعادة وطنهم التاريخي ، واعادة بناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى ، وقد أنشأ هذا التيار مجموعة من المنظمات والهيئات التي تدعو لاستيطان القدس ولاعادة بناء الهيكل والا فان ديانتهم تكون ناقصة ، ومن أهم هذه المنظمات " جماعة أمناء الهيكل " والتي تدعو لهدم المسجد الأقصى واعادة بناء هيكل سليمان في موقعه .
وبشكل عام استخدمت الحركة الصهيونية والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مكانة القدس الدينية كأساس ايديولوجي واقناعي لدعم المشروع الصهيوني في فلسطين ولشحذ عواطف اليهود خاصة المتدينين منهم للهجرة الى فلسطين واعتبار الاستيطان في القدس نوع من الواجب الديني ولتأكيد الهوية الدينية والقومية لليهود باعتبارهم شعب الله المختار وقد عاد الى أرض الميعاد ( ).
وقد تأكد هذا الموقف خلال الفترة الاخيرة التي تولى فيها الليكود الحكم منذ 2009 حيث ظهرت القوى الدينية واليمينية في تغليب الاعتبارات الدينية على عمليات الاستيطان فقد أصدرت مجموعة " حاخامات أرض اسرائيل" بقيادة سلوم دوف ويلفا بياناً رداً على مطالبات المجتمع الدولي بوقف الاستيطان تقول فيه " ان دولة فلسطينية وتفكيك الاستيطان في يهودا والسامرة تتعارض مع الامر الالهي بأن أرض اسرائيل هي ملك لشعب اسرائيل ومن يمسها يمس عين الخالق ( ).

- الاتجاه الرابع : الدوافع الاقتصادية والديموغرافية( ).

ترى اسرائيل بأن الإستيطان الاسرائيلي في القدس يساعد في حل بعض المشكلات الديمغرافية والاقتصادية لاسرائيل، حيث تسعى اسرائيل لاستغلال بعض المستوطنات في مجال الزراعة كما هو حال المستوطنات الريفية من أراضي القرى العربية حول القدس والتي استغلت في مجال الزراعات البعلية حيث أقيمت على أخصب الأراضي الزراعية . وللسيطرة على موارد المياه ، كما حاولت اسرائيل خلق مجمعات صناعية كبيرة في بعض المناطق مثل معاليه أدوميم وعطروت وغيرها ومحاولتها امتصاص الايدي العاملة العربية ودمجها في الاقتصاد الاسرائيلي وحرمان النشاطات الاقتصادية العربية من هذه الوفرة في الايدي العاملة .
كما استخدمت المستوطنات في القدس كمراكز جذب للمستثمرين والأثرياء اليهود ولجأت بعض المستوطنات الى انشاء بعض الحرف اليدوية والخزفية المشهورة في الضفة الغربية في محاولة لاستقطاب السياح ومنافسة البضائع العربية ، ومحاول ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الاسرائيلي.
واستخدمت المستوطنات لحل مشاكل التركز السكاني اليهودي في الجزء الغربي من القدس، والتخلص من ضائقة السكن من خلال خلق مراكز جذب جديدة اقتصاديا واجتماعياً تنقل اليها مجموعات من السكان الشباب لتخفيف الأزمة الديمغرافية داخل القدس واستيعاب المهاجرين الجدد .
كما ينظر الى وجود الاستيطان في القدس بما في هذه المستوطنات من سكان ومصالح اقتصادية باعتباره مؤشراً مقبولاً لدى الاسرائيليين لتطبيع العلاقات مع العرب( ).
لكن هذا المبرر يبدو ضعيفاً مقارنة بالمبررات الاخرى لان عمليات الاستيطان في القدس تستنزف جزءا كبيرا من الميزانية الاسرائيلية ومعظم مشاريع الاستيطان تعد مكلفة اقتصاديا مقارنة بالعائدات الناتجة عنها .

ث‌- الاستيطان في القدس :
ستتم معالجة موضوع الإستيطان الاسرائيلي في القدس باختصار من خلال رصد سياسات التهويد التي اتخذتها اسرائيل في القدس أولاً بواسطة مجموعة من الاجراءات والقرارات لمصادرة الأراضي وتهجير السكان العرب ثم بعد ذلك متابعة عمليات الاستيطان من خلال بناء الأطواق الاستيطانية لمحاصرة القدس وعزلها عن بقية المناطق في الضفة الغربية .
أ- الاجراءات الاسرائلية لتهويد القدس : ( )
بدأت الاجراءات الاسرائيلية لتهويد القدس فور اتمام عملية الاحتلال سنة 1967 حيث اتخذ الكنيست الاسرائيلية قراراً بضم القدس العربية ( الشرقية) الى القدس الغربية المحتلة منذ سنة 48 ، وقد بدأت الحكومة الاسرائيلية فور ذلك باتخاذ مجموعة من القرارات والسياسات المستعجلة لتحقيق ذلك :
بدأت باصدار الحاكم العسكري لمدينة القدس قراراً بحل مجلس أمانة القدس والحاقها ببلدية القدس الغربية ، وتلاه هدم الحواجز بين شطري المدينة وفتح طريق الى حائط البراق " المبكى " والمباشرة باعادة بناء الحي اليهودي القديم وتوسيع مباني الجامعة العبرية في هداسا وربطه بالقدس الغربية . وكذلك نقل عدد من الوزارات والمؤسسات الاسرائيلية وتهويد المرافق والخدمات العامة والقضاء والحاقها بالاقتصاد الاسرائيلي ، وقد عملت اسرائيل على توسيع بلدية القدس اليهودية لتشمل القدس وضواحيها ، وفي نفس الوقت اقدمت سلطات الاحتلال على طرد اعداد كبيرة من المواطنين من عدة أحياء في مدينة القدس القديمة ، خاصة حي المغاربة وباب السلسلة والباشورة وهدم مجموعة من المباني في هذه الأحياء تمهيداً لاقامة الحي اليهودي وصولا لحائط المبكى ، وقد أصدرت الحكومة الاسرائيلية سنة 68 قانون التنظيمات الادارية والقانونية ، والذي يشترط تسجيل الشركات والجمعيات والمهن حسب القوانين الاسرائيلية واتخاذ مجموعة من الاجراءات الادارية في مجالات الترخيص والبناء ، وكذلك القيام بمجموعة عمليات من هدم البيوت ومصادرة الاراضي مما أدى الى تهجير اعداد كبيرة من العرب الى خارج المدينة ، وكذلك استولت على مجموعة من المؤسسات الفلسطينية في القدس منها مستشفى المقاصد الخيرية الاسلامية ، وتخصيص قصر العدل في القدس العربية ليكون مقراً لدائرة المخابرات العامة.
وقد أقر الكنيست في سنة 1980- القانون الاساسي للقدس والذي ينص على ( ) :
1- القدس الكاملة والموحدة عاصمة اسرائيل.
2- تكون القدس مكان اقامة رئيس الدولة ومقر الحكومة والكنيست والمحكمة العليا.
3- حماية الاماكن المقدسة وحرية الوصول اليها من قبل ابناء الديانات الثلاث.
4- تخصيص مدراء مالية لتطوير القدس وازدهارها.
وبعد ذلك استخدمت اسرائيل قوانين الدفاع والأوامر العسكرية لمصادرة الاراضي في المناطق المحتلة بحجة استخدامها للاغراض العسكرية واصدار مجموعة من الاجراءات التي تتعلق بملكية الاراضي وتحركات السكان العرب اعتماداً على أوامر عسكرية يصدرها الحاكم العسكري ، وقد أدى ذلك لتهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين ورفع عدد السكان اليهود داخل القدس( ) وبعد اتفاقيات أوسلو ومنذ سنة 1994 صدر القانون الاسرائيلي الخاص بتقييد نشاطات السلطة الفلسطينية في القدس ومنعها من فتح أي ممثلية أو عقد أي اجتماعات دون موافقة الشرطة الاسرائيلية ( ) وقد استفادت اسرائيل في هذا المجال في المشاريع الاستيطانية القائمة من حيث توسيع مساحة القدس من 10% من مساحة الضفة الى أكثر من 20% من هذه المساحة والتي اعتبرت خارج نطاق صلاحيات السلطة الوطنية .
وأخيرا حاولت اسرائيل العمل على اقامة كنيس يهودي في منطقة الحي الاسلامي بالقرب من باب السلسلة وقامت جمعية عطيرات كوهانيم باقامة نفق يصل الى مغارة سليمان قرب باب العمود ، وقامت منظمة " معهد الهيكل" بنصب شمعدان ذهبي مقابل المسجد الأقصى من الغرب لتهويد المقدسات الاسلامية ( ) .
ولتحقيق هذه السياسات في تهويد القدس ولضمان نجاح المشروع الاسرائيلي بضم القدس ، قامت اسرائيل بانتهاج مجموعة من الاعتداءات على السكان والمناطق العربية في القدس نوجز فيما يلي أهمها : ( )
1- هدم الاحياء القديمة في القدس وتشريد سكانها واللجوء الى عمليات التطهير العرقي داخل المدينة .
2- احراق المسجد الأقصى في 21/8 سنة 1969 ومحاولة نسفه على يد الحاخام مئير كهاناه سنة 1980 ومحاولة اقتحامه على يد منظمة رفافا المتطرفة سنة 2005 .
3- اقامة الحفريات حول المسجد الاقصى وتحته وحفر الانفاق التي طالت معظم الاماكن دخل المدينة المقدسة والاعتداء على المقدسات المسيحية والمقابر الدينية وكذلك سرقة محتويات كنيسة القيامة وتحطيم قناديل الزيت والشموع في القبر المقدس ( ) .
4- الاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى ومنها مذبحة الأقصى في 8/10/1990 التي قتل فيها عدد من المصلين وجرح عدد أكبر .
5- اقتحام ساحة المسجد الأقصى من قبل شارون وحراسته المشددة حوله مما أدى الى قيام انتفاضة الأقصى .
6- اقامة الجدار العازل والذي باشرت الحكومة الاسرائيلية ببنائه سنة 2003 وسوف يساعد هذا الجدار في تحقيق عملية التهويد للقدس واحاطتها بالجدران والمستوطنات لخنقها حيث سيبلغ طول الجدار حول القدس حوالي 181 كم مما يفقد محافظة القدس حوالي 90% من أراضيها ( ) . وقد عزل الجدار حوالي 100 ألف من عرب القدس شرقي الجدار مما يمنع دخولهم للقدس وحاجتهم للحصول على تصاريح للوصول الى أراضيهم .
7- اغلاق باب المغاربة ومحاولة ازالة التلــة التاريخية التي تعود للحرم الشريف ( ) .
8- تطويق القرى والتجمعات الفلسطينية من خلال اقامة الطرق الالتفافية لربط التجمعات السكانية اليهودية مع بعضها البعض وتجنب الاحتكاك بالتجمعات الفلسطينية في القدس وعزلها عن التجمعات الفلسطينية الأخرى ( ) .
ويلاحظ المتتبع للسياسات الاسرائيلية لتهويد القدس والاجراءات التنفيذية في هذا المجال بأنها تتصف بما يلي :
1- انها تشكل اجماعا اسرائيلياً على المستوى الحكومي والحزبي والشعبي ، وان هذه القرارات لا يختلف فيها اليسارأو اليمين الاسرائيلي وانها تشكل رمزا للاجماع الوطني وتقوي الوحدة الوطنية الاسرائيلية .
2- إن القرارات بخصوص تهويد القدس كانت باستمرار قرارات علنية وصريحة وتسبق الاجراءات العملية بشأن القدس ، وذلك على خلاف الوضع مع بقية اجزاء الضفة الغربية حيث تسعى اسرائيل لفرض الأمر الواقع من خلال اجراءات عملية دون الاعلان عن ذلك أو دون اتخاذ قرارات مسبقة بشأن مستقبلها .
3- تعتبر اسرائيل اجراءاتها لتهويد القدس مسألة داخلية ولا ينطبق عليها القانون الدولي أو قانون الاحتلال الحربي لأن اسرائيل قامت بضم القدس واعتبرتها جزءاً من أراضيها ، وأن كل ما يتعلق بالقدس خاص بالشعب اليهودي فقط وهي خارج نطاق الصراع العربي الاسرائيلي .
ب - عمليات الاستيطان في القدس :
باشرت السلطات الاسرائيلية فور احتلالها للقدس العربية سنة 1967 بتركيز عمليات الاستيطان في مدينة القدس مع ايلاء هذا الموضوع الأولوية على بقية عمليات الاستيطان الاخرى في المناطق المحتلة .
وقد عمدت اسرائيل الى تطويق القدس بمجموعة من الأطواق الاستيطانية لمحاصرة المدينة وعزلها عن بقية الضفة الغربية ولتأكيد الوجود اليهودي في القدس والسيطرة عليها .
ونقدم فيما يلي عرضا موجزا للاحزمة الاستيطانية في القدس وحولها ( ) .
1- الطوق الأول داخل المدينة القديمة :
وذلك من خلال نقل مجموعات من السكان اليهود للعيش في قلب المدينة في المساكن العربية التي تركها اصحابها أثناء الحرب ثم القيام باعمار الحي اليهودي في القدس والذي دمر سنة 1948 بسبب الحرب وامتداده ليشمل كثيراً من الأحياء العربية المجاورة مثل حي المغاربه وحي الباشورة واقامة مركز تجاري شمال غربي القدس يشمل باب الساهرة وباب العامود.
2- الطوق الثاني داخل حدود أمانة مدينة القدس :
ويتضمن هذا الطوق اقامة سلسلة من الاحياء السكنية الضخمة في جميع المناطق المحيطة بالقدس من الجنوب في تلبيوت قرب جبل المكبر وصور باهر، ومن الناحية الشرقية في منطقة هداسا والشيخ جراح وتمتد الى معاليه ادوميم في منطقة الخان الاحمر، وفي الناحية الشمالية اقامة مستوطنات في التل الفرنسي وقرب شعفاط تستند الى مستوطنات خلفية في النبي يعقوب وراموت قرب النبي صموئيل وعطاروت الصناعية قرب قلنديا .
3- الطوق الثالث في حدود القدس الكبرى ( ) :
ويمتد هذا الطوق من حدود رام الله شمالاً الى الخان الاحمر شرقا قرب أريحا واللطرون غربا الى أطراف مدينة الخليل جنوبا ، وتمتد مشاريع الاستيطان الاسرائيلي في هذه المنطقة لتشكل 30% من مساهمة الضفة الغربية ويضم هذا الطوق حوالي 60 قريةعربية ويضم حوالي 250 الف نسمة من السكان .
ويشمل طول هذا الطوق حوالي 40 كم تمتد من مستوطنة شيلو شمالا حتى مستوطنة كفار عصيون جنوباً .
وحين استكمال هذا المشروع تكون اسرائيل قد استكملت السيطرة على المواقع الأثرية والحضارية العربية المحيطة بالقدس، ومحاول تفريغ هذه المناطق من سكانها العرب ، ويتمثل هذا المشروع كذلك باقامة مشاريع عملاقة للاستثمار واقامة الفنادق.
ويقوم هذا المشروع على تنظيم المستوطنات في كتل ضخمة يجعل نظامها الأمني وبناها التحتية أكثر كفاءة ، كما يشمل هذا المخطط للقدس الكبرى اقامة مساحات شاسعة من الاراضي الفارغة المحيطة بالمدينة من جهاتها الأربع لتوسيع المستوطنات وربطها مع بعضها البعض بالتمدد العمراني " التسمين " او بالطرق الالتفافية .
وقد أسفرت عمليات الاستيطان في القدس بالاضافة الى الاجراءات الاسرائيلية المتواصلة لتهويد القدس عن تراجع سكان المناطق المحتلة سنة ( 67) حوالي 20% في السنة الاولى للاحتلال أما نتائج عمليات الاستيطان فيمكن رصدها على النحو التالي : ( )
في الفترة الأولى من سنة 1967 – 1977 وهي فترة حكم حزب العمل فقد تم توطين حوالي 182 الف مستوطن في 58 مستوطنة على النحو التالي 75 الف في مدينة القدس و 6500 في باقي الضفة الغربية و 500 مستوطن في قطاع غزة .
في الفترة من 77- 84 وهي فترة حكم الليكود ارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية من 6500 الى 45 الف وارتفع عدد المستوطنين في القدس من 75 الف الى 85 الف وارتفع العدد في قطاع غزة من 500 الى 1300 مستوطن ، وارتفع عدد المستوطنات من 58 مستوطنة الى 179 مستوطنة في المناطق المحتلة .

من سنة 84- 95 فترة تعاقبت حكومات العمل والليكود :
بلغ عدد المستوطنين 317 ألف منهم 141 ألف في الضفة يسكنون 151 مستوطنة و 170 الف مستوطن في القدس يسكون 10 أحياء ، و 6 الاف في غزة يسكنون 16 مستوطنة .
وفي السنوات الاخيرة تزايدت وتيرة الاستيطان بشكل عام فقد زاد عدد المستوطنين من 440 ألف سنة 2004 الى 452 سنة 2005 حوالي 200 الف منهم في منطقة القدس ( ) أنظر جدول المستوطنات رقم (1) .
وتشير الاحصائيات الحديثة الى أن حوالي 480 الف مستوطن يسكنون في الضفة الغربية بما فيها القدس ( ) منهم حوالي 180 الف مستوطن في القدس . وأن هناك في الضفة الغربية الآن 160 مستوطنة رسمية بالاضــــافة الى 102 بؤرة استيطانية ( ) .
وقد تمخض عن عمليات الاستيطان هذه تأثيرات اقتصادية واجتماعية واسعة على حياة الشعب الفلسطيني من خلال مصادرة الأراضي وتفتيت أوصال المناطق المحتلة وتراجع مستوى المعيشة هذا بالاضافة الى ارهاب المستوطنين وقوات الاحتلال مما يجعل المنطقة تعيش في حالة من عدم الاستقرار والأمن ، وأن استمرار الاستيطان يشعر العرب بضرورة المقاومة ورفض الوجود الاسرائيلي التوسعي في المنطقة ( ) .

جدول المستوطنات في القدس رقم (1)

الرقم اسم المستوطنة تقدير عدد السكان القرى التي أقيمت عليها
1- أبو غنيم ( هار حوماه) 30000 أهالي منطقتي القدس وبيت لحم
2- بسغات زئيف، يسغات أومر 31000 بيت حنينا/ شعفاط/ عناتا/ مخيم شعفاط
3- تلبيوت الشرقية ، رمات راحيل 17000 البقعة
4- جاني بيطار الولجة ودير كريزمان
5- جعفات زئيف 9000 بيتونيا / الجيب
6- جعفات هموتس 2000 بيت صفافا/ اراضي تابعة للكنيسة الارثوذكسية
7- جيلو 30000 بيت جالا/ بيت صفافا
8- راس العامود القدس /الى الشرق من البلدة القديمة
9- راموت الون 43000 بيت اكسا / النبي صموئيل / بيت حنينا
10- ريختس شعفاط 9000 شعفاط /بيت حنينا
11- علمون 700 عناتا/ حزما
12- معاليه ادوميم 28000 أبو ديس / العيزيرية / العيساوية / عناتا/ الزعيم
13- النبي صموئيل الجيب / بير نبالا/ النبي صموئيل
14- النبي يعقوب 20000 بيت حنينا / حزما / جبع
15- هار أدار 1700 بدو / قطنه
المجموع 220400

وقد نشرت حركة السلام الآن تقريرا في 23 /8/2009 يشير الى أن اسرائيل ما زالت تواصل الاستيطان في القدس والضفة الغربية وأنها تحاول استخدام اذونات قديمة لتوسيع المستوطنات وأن البناء متواصل في المستوطنات بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالرغم من موافقة الحكومة الاسرائيلة على تجميد المستوطنات استجابة للضغوط الامريكية ( ).
خصائص عمليات الاستيطان في القدس :
1- ارتبطت عمليات الاستيطان في القدس بالمبررات الدينية والعقيدية أكثر من المبررات الأمنية لتبرير شرعية عمليات الاستيطان ، ولذلك جاء معظم المستوطنين من التيارات الدينية والأصولية اليهودية للاستقرار في القدس.
2- ان الاستيطان في القدس كان على صورة احياء سكنية متكاملة وأخذ طابع مدني أكثر منه مستوطنات زراعية من خلال اتصاله بالاحياء اليهودية في القدس.
3- اتصف الاستيطان في القدس بكثافة بشرية ملحوظة اذ أن عدد المستوطنين في القدس يفوق عدد المستوطنين في كل مناطق الضفة الغربية الأخرى .
4- ارتبطت عمليات الاستيطان في القدس بعملية الاحلال Replacement من خلال العمل على طرد وتهجير السكان العر ب الاصليين واستبدالهم بالمهاجرين اليهود .
5- رافق عمليات الاستيطان في القدس عمليات استخدام للعنف والقوة وتدمير للمنازل والأحياء العربية واللجوء للاجراءات التسعفية والعسكرية لضمان السيطرة على القدس ومواجهة الجهود العربية المقاومة للاحتلال وانتفاضات سكان القدس.
6- حظي الاستيطان الاسرائيلي في القدس بتأييد كافة القوى السياسية في اسرائيل، وتأييد دعم يهود العالم نظراً لمكانة القدس في الديانة اليهودية.
7- لجأت اسرائيل الى تكثيف عمليات الاستيطان في القدس كلما شعرت بقرب التوصل الى اتفاق سلام أو ضغوط دولية في محاولة منها لتقويض أية محاولات للوصول الى حل ولاثبات قدرتها على اتخاذ ما تشاء من خطوات أحادية لفرض حلولها على المنطقة ( ).

ج‌- موقف الشرعية الدولية من الاستيطان في القدس :
وسوف يتم تناول هذا الموضوع من خلال مبحثين الأول يدرس موقف القانون الدولي من الاستيطان والثاني يدرس قرارات الأمم المتحدة .
1- موقف القانون الدولي من الاستيطان الاسرائيلي في القدس : ( )
يرتبط موضوع الاستيطان في القدس والمناطق المحتلة سنة 1967 بموضوع الاحتلال وحقوق سكان المناطق المحتلة ، وكذلك الموقف من الاجراءات الاسرائيلية في الأراضي المحتلة.
من المسلم به بأن القوة لا تخلق القانون ولا ترتب حقوق السيادة فدولة الاحتلال لا تملك حقوق السيادة على الأراضي المحتلة اليها ، لأن سيادة الدولة المحتلة أراضيها – وان شلت عملياً - فهي تبقى مستمرة من ناحية قانونية وفقاً لمبدأ استمرارية الدولة ، وأن ما تتمتع به قوات الاحتلال من اختصاصات محدودة فهي تنحصر في تلك اللازمة لسلامة قواتها.
وقد أجازت اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 في المادة 43 لسلطات الاحتلال اتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين النظام العام والأمن بأسرع وقت ممكن ،وبالمقابل منعت تلك الاتفاقيات في المواد 46 و 55 من الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة في الاقليم المحتل وطالبتها بحماية حقوق الاشخاص وأموالهم ، وصيانة الممتلكات العامة وإدارتها طبقاً لقواعد الانتفاع أو الاستخدام وليس الملكية أو السيادة.
وقد حرمت مواد ميثاق لاهاي لسنة 1970 في البند 52 مصادرة الاراضي أو اقامة المستوطنات وان استخدام الأراضي العامة أو الخاصة يجب أن يكون مؤقتا ومشروطا بعدم تغيير معالمها .
أما اتفاقيات جنيف لسنة 1949 الخاصة بحقوق المدنيين زمن الحرب فقد نصت المادة 49 من الاتفاقية الرابعة على حظر النقل الاجباري للافراد والجماعات من الاراضي المحتلة ، وكذلك لا يجوز لقوات الاحتلال أن تنقل جماعات من سكانها المدنيين الى الأراضي التي تحتلها .
كما تحظر المادة 53 تدمير العقارات والممتلكات الشخصية والعامة في المناطق المحتلة.
ونصت المادة 64 على عدم جواز اخضاع سكان المناطق المحتلة لسيادة قوات الاحتلال ( ).
أما مباديء حقوق الانسان والواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 والعهدين الدوليين لسنة 1966 فهي تعطي للشعوب حق تقرير المصير، وتعطي للسكان اينما كانوا حقوقاً لا يجوز الانتقاص منها أو تجاوزها ، وهذا ما تقوم قوات الاحتلال بانتهاكه من خلال مصادرة الأراضي والممتلكات الخاصة ، والتهجير القسري والطرد للسكان في المناطق المحتلة ، وانتقاص لحريات الأفراد وحقوقهم في الهوية الشخصية وتعذيبهم وحرمانهم من وسائل المعيشة الكريمة . كما أن الاجراءات الاسرائيلية تشكل خرقا لمبدأ المساواة بين البشر حيث يتم التمييز بين السكان اليهود والمسلمين والمسيحيين حيث يخضع سكان المستوطنات اليهود الى قانون ومحاكم تختلف عن القوانين والمحاكم التي يخضع لها العرب.
كما أن اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح لسنة 1954 ، والاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي لسنة 1972 ، وكذلك البروتوكول الأول لسنة 1979 الاضافي لاتفاقيات جنيف لسنة 49 لحماية التراث الحضاري تحت الاحتلال يمنع قوات الاحتلال من القيام بأي عبث بالمقومات الأثرية والحضارية والاماكن المقدسة في المناطق المحتلة ، وهو ما تمارسه اسرائيل من هدم للأحياء القديمة في القدس ومحاولة اجراء تغييرات جوهريا على الهوية الثقافية لمدينة القدس واماكنها المقدسة وبالتالي يمكن القول بأن النشاط الاستيطاني يشكل خرقاً للقانون الانساني الدولي وذلك من خلال خرق مبدأين أساسيين هما : ( ).
1) حظر نقل المدنيين في أراضي سلطة الاحتلال الى الأراضي المحتلة حيث تنص المادة 49/6 من اتفاقية جنيف الاربعة على " لا يحق لسلطة الاحتلال نقل اجزاء من سكانها الى الأراضي التي تحتلها" .
2) حظر اجراء تغييرات دائمة في الأراضي المحتلة لا تكون لمصلحة السكان الواقعين تحت الاحتلال .
مما سبق يمكن القول بأن اقامة المستوطنات الاسرائيلية في المناطق تشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي ، ولا يمكن ادخال الاجراءات الاسرائيلية في هذا المجال ضمن اجراءات القوات المحتلة لصيانة أمنها وحفظ النظام العام لما تمثله هذه الاجراءات بما فيها من عمليات استيطان ومصادرة للاراضي من عمليات إستفزاز للسكان مما يدفعهم لمقاومة قوات الاحتلال ومما يعرض النظام والأمن في المناطق المحتلة للحظر بدلا من استتباب النظام العام ( ) .
كما أن اسرائيل لا تملك السيادةعلى المناطق المحتلة وبالتالي ليس من حقها اقامة المستوطنات ونقل السكان والتي هي من أعمال السيادة الكاملة التي تمتلكها الدولة الأصلية المالكة للاقليم.
كما أن الاجراءات في الأماكن المقدسة تمثل انتهاكاً للتراث الانساني والثقافي في القدس.
3-قرارات الأمم المتحدة ( ) .
انصبت قرارات الأمم المتحدة على مقاومة الاجراءات الاسرائيلية لتهويد القدس والتي تشمل عمليات الاستيطان الاسرائيلي في القدس وتهجير السكان ومصادرة الأراضي.
وفيما يلي نقدم عرضاً لأهم قرارات الأمم المتحدة في مجال الإستيطان الاسرائيلي والاجراءات الإسرائيلية في القدس وسيتم تقسيم هذه القرارت حسب الجهة الصادرة عنها :

(1) قرارات الجمعية العامة :
بدأت قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي للقدس حيث صدر القرارين 2253 و 2254 لسنة 1967 للمطالبة بالغاء اجراءات اسرائيل بشأن القدس، ورفض الاجراءات الاسرائيلية لتغيير معالم القدس ، وفي سنة 1971 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي طالب اسرائيل بالغاء جميع التدابير والسياسات والممارسات في الأراضي المحتلة ، وفي سنة 1977 وافقت الجمعية على قرار يدين التغيرات التي اجرتها اسرائيل في الأراضي المحتلة ، وكذلك يدين عمليات الاستيطان الاسرائيلي ويعتبرها غير شرعية وعقبة في طريق السلام .
وفي سنة 1980 صدر قرار الجمعية العامة بشأن رفض توحيد القدس وجعلها عاصمة لاسرائيل ، وذلك بعد فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بهذا الشأن.
 قرار الجمعية العامة رقم 55 /50/ 25 لسنة 2001 الذي ينص على عدم قانونية فرض اسرائيل لقوانينها وولايتها واداراتها على القدس .
 قرار الجمعية 3156 بتاريخ 2001 على تأكيد القرار السابق.
 قرار الجمعية رقم 57/111 في 2003 الذي يطالب بأن يأخذ أي حل شامل وعادل لقضية القدس بالاعتبار الشواغل المشروعة لكلا الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ، وأن يضمن حرية الوصول للناس من جميع الاديان للاماكن المقدسة .
وتوالت نفس المطالب في قرارات الجمعية العامة رقم 2258 في 2003 ورقم 3259 لسنة 2005 والقرارات 2661 في 2007 الذي يطالب بسحب البعثات الدبلوماسية من القدس.
 قرار الجمعية رقم 60/ 105 لسنة 2005 والذي يؤكد على أن اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب تنطبق على الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 67 بما فيها القدس ، وتشير الى قرار محكمة العدل الدولية بخصوص اعتبار" اقامة المستوطنات الأسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية تمثل خرقاً للقانون الدولي ( ) وأن أنشطة الاستيطان الاسرائيلية تمثل انتهاكاً للقانون الدولي الانساني وذات تأثير ضار على جهود السلام في الشرق الأوسط.
كما أشار القرار الى أن اقامة الجدار العازل يمثل خرقا للقانون الدولي ويطالب بتفكيك المستوطنات القائمة .

(2) قرارات مجلس الأمن ( ) :
أصدر مجلس الأمن عدة قرارات بشأن القدس نوجزها فيما يلي :
 القرار 250 ، والقرار 251 لسنة 1968 بخصوص رفض واستنكار اقامة اسرائيل للعرض العسكري في القدس .
 القرار 252 لسنة 1968والقرار 267 لسنة 1969 اللذان يدينان الاجراءات الاسرائيلية لتغيير وضع مدينة القدس وعدم تنفيذ قرارات الجمعية العامة.
 القرار 271 لسنة 1969 الذي يؤكد على القرارات السابقة ويدين تدمير اسرائيل وتدنيسها للاماكن المقدسة وان ذلك يهدد السلام العالمي ويعبر عن قلقه بخصوص احراق المسجد الأقصى .
 والقرار 298 لسنة 1971 الذي يدعو الى الغاء جميع الاجراءات الاسرائيلية في مدينة القدس ويؤكد على قراراته السابقة وضرورة تقيد اسرائيل باتفاقيات جنيف للعام 1949.
 وقد صدر قرار مجلس الأمن رقم 446 لسنة 1979 والذي شكل لجنة خاصة لدراسة موضوع المستوطنات وقد جاء في القرار أن اقامة المستوطنات في الاراضي المحتلة سنة 67 غير شرعي ويشكل عقبة كأداء أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم . والدعوة للتقيد بمعاهدة جنيف سنة 1949وجاء القرار 354 لسنة 1979 داعيــاً لوقف الاستيطان .
 وجاء القرار رقم 465 لسنة 1980 ليدعو الى الامتناع عن إقامة مستوطنات جديدة وكرر مجلس الأمن رفضه لما تتخذه اسرائيل من تدابير لتغيير الطابع الديمغرافي في القدس واعتبار ذلك عمل غير قانوني ، ودعا القرار الى ازالة المستوطنات القائمة والامتناع عن اقامة مستوطنات جديدة.
 وفي القرار رقم 476 لسنة 1980 نص يعتبر اجراءات اسرائيل في القدس باطلة ولاغية.

 وفي القرار 478 لسنة 1980 رفض لمشروع اسرائيل باصدار القانون الأساسي للقدس ويطالب الدول بعدم نقل بعثاتها الدبلوماسية للقدس ( ).
 القراران 607 و608 لسنة 1988 الخاصة باستنكار ابعاد اسرائيل للفلسطينيين من المناطق المحتلة .
 وفي سنة 1990 صدر قرار مجلس الأمن رقم 672 والقرار رقم 673 ليعرب عن اسفه لعدم قبول اسرائيل استقبال بعثة للأمين العام للتحقيق في التدهور الخطير للحالة في الأراضي المحتلة.
 وفي سنة 1992 صدر قرار الامن رقم 726 الذي يؤكد على انطباق اتفاقيات جنيف على الاراضي المحتلة سنة 67 بما فيها القدس والمطالبة بعدم ابعاد المدنيين منها .
 وفي سنة 1996 صدر القرار رقم 1037 الذي يعتبر القدس جزء من الأراضي المحتلة سنة 1967 والمطالبة بعدم اجراء أي تغيير على الوضع الجغرافي والديمغرافي في القدس .
(3) قرارات مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى :
(أ) القرارات الصادرة عن اليونسكو: ( ) ومنها :
1- القرار 15 م/30343/ لسنة 1968 والــــذي يدعو اسرائيل للمحافظة على الممتلكات الثقافية في القدس القديمة .
2- أدانت اليونسكو سنة 1970 حريق المسجد الأقصى واعرب مجلسها التنفيذي عن حزنه عن الأضرار التي لحقت بالمسجد وتم تأكيد هذا القرار في اجتماع 1971 .
3- القرار 17م /30422 الذي يدعو اسرائيل الى عدم تغيير معالم القدس والحفريات الأثرية.
4- القرار 19 م / 40129 لسنة 1976 والذي يطالب بتنفيذ قرارات المجلس التنفيذي لليونسكو بشأن حماية الممتلكات الثقافية في القدس .
5- القرار 20م / 706 / لسنة 1978 الذي يدين اسرائيل لتغيير معالم القدس التاريخية والثقافية وتهويدها.
6- مجموعة من القرارات الخاصة بالتراث الثقافي في القدس ومنها القرارات 22/1108 الذي يدعو الى ادراج مدينة القدس القديمة وأسوارها في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر . والقرار 245 م /1106 بخصوص ضمان تطبيق قرارات اليونسكو لصيانة التراث الثقافي القدس. والقرارات 25م / 306 / لسنة 1989 الذي يستنكر اعمال الاعتداء والتدمير للتراث الثقافي في القدس.
7- قرارات المجلس التنفيذي لليونسكو المتعلق بالمؤسسات التعليمية والثقافية في الاراضي المحتلة لسنة 1990 .
8- القرار رقم 26م / 3012 لسنة 1991 والقرار 27م / 308 لسنة 1993 بخصوص حصر الممتلكات الثقافية في القدس لاعتبارها ضمن التراث الثقافي العالمي .
9- وفي سنة 1999 اتخذت اليونسكو قراراً يدعو الى ضرورة بحث موضوع القدس على أساس اتفاقية لاهاي لسنة 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 . وفي السنوات من 2004- 2008 رفضت اليونسكو في مؤتمراتها المطالبات الاسرائيلية لشطب القدس من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر ( ) .
10- القرار رقم 34 Decision Com لسنة 2006 الذي يطالب اسرائيل بالوفاء بالتزاماتها في الحفاظ على التراث العالمي للقدس .
ويلاحظ بأن جميع قرارات ونداءات مؤتمرات اليونسكو ولجانها كانت تطالب بوقف التجاوزات الاسرائيلية في مدينة القدس خاصة في المجال الثقافي والاماكن المقدسة.
ب- قرار محكمة العدل الدولية: بشأن الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامـــــــــة بخصوص الجدار العازل والذي يحمل الرقم 131/9 لسنة 2004 والذي يطـــــالب اسرائيل بازالة جدار الفصل العنصري وتعويض المتضررين من هذا القـــــــرار ، وأنــه يتوجـــب على اسرائيل التوقف عن اقامة الجدار غير القانوني وتفكيــــــــــك الأجزاء التي تمت اقامتها والمطالبة بتطبيق اتفاقيــــــة جنيف الرابعــة علــى القدس باعتبــــــــارها محتلة ( ) .

ج- تقارير جمعية حقوق الانسان Human Wrights Watch ( ).
تشير معظم هذه التقارير الى انتهاكات حقوق الانسان الفلسطيني بسبب الاعتداءات الاسرائيلية على حياته وممتلكاته . ويتم تأكيد هذه القرارات سنوياً ، وهي تمس حياة الانسان بكافة جوانبها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

مما سبق يمكن القول بأن قرارات الأمم المتحدة قد أكدت مجموعة من المباديء العامة أهمها :
1- عدم شرعية الاحتلال الاسرائيلي للمناطق المحتلة سنة 67 بما فيها القدس والمطالبة بالانسحاب الاسرائيلي طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 245 لسنة 1967 .
2- رفض التدابير الاسرائيلية بضم القدس وجعلها عاصمة لاسرائيل وضرورة الامتناع عن مصادرة الاراضي وبطلان الاجراءات الاسرائيلية لتغيير معالم القدس واعتبار القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة لسنة 1967.
3- رفض عمليات الاستيطان الاسرائيلي واعتبارها عقبة أمام عملية السلام في المنطقة.
4- اعتبار اجراءات اسرائيل الاستيطانية في القدس غير شرعية ولاغية والمطالبة بازالة جميع المستوطنات في القدس والضفة الغربية وكان هذا الاتجاه واضحاً في قرارات الجمعية العامة أكثر من مجلس الأمن .
5- ادانة اعمال العنف في القدس والأماكن المقدسة سواء التي تمارسها الحكومة أو المستوطنون .
6- عقب حرب اكتوبر 73 تم الغاء بند القضية الفلسطينية من اجتماعات الجمعية العامة وصار ينظر الى كل بند بصورة منفصلة.
7- كررت قرارات الأمم المتحدة نفسها بوتيرة متناقصة ومتراجعة سواء على صعيد قرارات الجمعية العامة أو قرارات مجلس الأمن حيث ظهر اتجاه واضح نحو تراجع حدة القرارات الدولية ، وتناقص مطالب المجتمع الدولي من اسرائيل مع بقاء الموقف العام نحو رفض الاجراءات الاسرائيلية واعتبارها غير شرعية .
8- كررت الأمم المتحدة تأكيدها في معظم القرارات على انطباق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين زمن الحرب على الاراضي العربية المحتلة سنة 67 بما فيها القدس.
9- ربطت قرارات الامم المتحدة ما بين الاراضي المحتلة سنة 67 والقدس حيث اضافت الى معظم القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن فقرة بما فيها القدس الى جميع الفقرات التي نصت على فقرة الاراضي المحتلة سنة 67.
10- تكرار وصف اسرائيل في معظم القرارات الصادرة عن الامم المتحدة بخصوص الاستيطان والقدس باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال .

خلاصة القول بخصوص قرارات الأمم المتحدة :
• كانت قرارات الجمعية العامة اكثر جرأة ومباشرة في رفض النشاطات الاسرائيلية والاستيطان في القدس من قرارات مجلس الأمن .
• اقتصر موقف الامم المتحدة من موضوع الاستيطان على الادانة والاستنكار دون أن ينتقل الى اتخاذ اجراءات عملية لوقف الاجراءات الاسرائيلية في هذا المجال، ولم ترتبط قرارات الأمم المتحدة بآليات لتنفيذها .
• خضعت جميع قرارات مجلس الأمن قبل اقرارها للتغيير والتعديل ومرات كثيرة لحق الفيتو من خلال اعتراضات المندوب الامريكي ، وقد وقفت الولايات المتحدة وحيدة في مجلس الأمن في رفض القرارات ضد الاستيطان وفي الامتناع على التصويت على قراري مجلس الأمن رقمي 476 و 478 .
• جميع قرارات مجلس الأمن كانت بموجب الفصل السادس ولم تصدر بموجب الفصل السابع الذي يتطلب اتخاذ خطوات اجرائية فعلية وكذلك تعد قرارات الجمعية العامة بمثابة توصيات متروك للأطراف المعنية طوعية الالتزام بها .
• معظم قرارات مجلس الأمن تدعو الى شجب عمليات الاستيطان واعتبارها غير شرعية لكن قراراً واحداً طالب بتفكيك المستوطنات القائمة .
• كان هناك ربط في قرارات الأمم المتحدة بين الموقف من الاحتلال الاسرائيلي للقدس والمناطق المحتلة لسنة 1967 وقضية الاستيطان .
• كانت استجابة اسرائيل للقرارات الدولية معدومة واستمرت في ممارسة نشاطاتها الاستيطانية في القدس وتوسيعها دون عوائق .
• هناك اهمال وتجاهل بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وعمليات الاستيطان في قرارات الأمم المتحدة بشكل عام .
الخاتمــة :-
يلاحظ الدارس للأهداف الاسرائيلية بخصوص الاستيطان والمبررات التي اعتمدتها اسرائيل في هذا المجال بأن اسرائيل حاول استنباط المبررات السياسية والأمنية والدينية لتبرير عمليات الاستيطان التي تقوم بها ، وترى اسرائيل بأن النشاطات الاستيطانية مطلوبة لحفظ أمن قوات الاحتلال ولتحقيق نظرية الأمن القومي الاسرائيلي بما فيها من أسس معتمدة مثل نظرية الحدود الآمنة وتأمين العمق الاستراتيجي .
كما استخدمت اسرائيل الاستيطان كوسيلة ضغط ومساومة في عمليات التسوية القائمة طالما أن عملية التسوية ما زالت بعيدة المنال فان التغيرات على أرض الواقع ستقوي الموقف الاسرائيلي التفاوضي وتنمي الاحساس بالاحباط واليأس لدى العرب لتقديم تنازلات أو ضمـــان نجاح المشروع الصهيوني في التوسع لتحقيق الاحلام الصهيونية في اسرائيل الكبرى .
كما استندت اسرائيل في تبريرها لعمليات الاستيطان على مقولات الحق التاريخي والديني لليهود في أرض اسرائيل التاريخية والذي يتمثل في الدعوة لعودة شعب الله المختار الى "أرض الميعاد" وأن الاستيطان يمثل العمود الفقري للمشروع الصهيوني ، وأن اسرائيل ما هي في الحقيقة الا مستوطنة كبيرة ولولا الهجرة والاستيطان لما تحقق المشروع الصهيوني بأبعاده التوسعية للوصول الى فكرة اسرائيل الكبرى .
من خلال متابعة الاجراءات الاسرائيلية للسيطرة على القدس وتهويدها وكذلك متابعة عمليات الاستيطان الاسرائيلي في القدس . يلاحظ ذلك التواتر والاستمرارية في هذه النشاطات وبوتيرة متسارعة أحياناً خاصة حين تشعر اسرائيل بأنها قد تجبر على تقديم تنازلات ضمن مشاريع التسوية في المنطقة ، ولاستباق التعرض لضغوط دولية ، وأحيانــــــا أخرى تلجأ اسرائيل الى تهدئة نشاطات الاستيطان والتظاهر بوقفها لتفادي حالات الضغط الدولي خاصة الأمريكي ولتفادي تعرضها لعقوبات دولية أو أمريكية دون أن يسفر ذلك عن تراجع عما تم انجازه من عمليات استيطان سابقة.
وقد تميزت عمليات الاستيطان في القدس بالغزارة والكثافة السكانية مع الاعلان عن تلك العمليات بصورة علنية لانها تمثل اجماعا اسرائيليا ً .
أما بالنسبة للقرارات الدولية والشرعية القانونية الخاصة بعمليات الاستيطان ، فان مباديء القانون الدولي المتمثلة في اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 واتفاقيات جنيف الرابعة لسنة 1949 تحرم نقل السكان من دولة الاحتلال الى المناطق المحتلة أو تغيير المعالم الرئيسية للمناطق المحتلة والتي يدخل ضمنها عمليات الاستيطان .
أما بالنسبة لقرارات الأمم المتحدة فقد صدرت قرارات الأمم المتحدة سواء من قبل الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو الهيئات الدولية الأخرى مثل اليونسكوومحكمة العدل الدولية وجمعية حقوق الانسان لتجسد رفض المجتمع الدولي لاجراءات اسرائيل التهويدية بما فيها اقامة المستوطنات ومصادرة اراضي ، واعتبار اجراءات اسرائيل في هذا المجال غير شرعية . وقد شملت هذه القرارات توابع كثيرة مترتبة على الاستيطان مثل اعلان ضم القدس والمطالبة بعدم نقل البعثات الدبلوماسية للقدس ، واعادة المطرودين والمبعدين من القدس ، واستنكار اقامـــــــــة الجدارالعازل وحفر الانفاق تحت الاماكن المقدسة . وقد تعاملت اسرائيل مع قرارات الامم المتحدة بشكل عام بصورة انتقائية وتمسكت بالقرارات التي لا تتعارض مع سياساتها وسكتت على القرارات الأخرى.
وفي الختام يمكن القول بأن موقف الشرعية الدولية من عمليات الاستيطان كان قائما على الرفض والاستنكار ، لكنه لم يرتبط بآليات للتنفيذ أو القيام باجراءات لمنع اسرائيل من استمرارها في مشاريعها الاستيطانية ، وبالتالي فان موقف الشرعية الدولية بحاجة الى تفعيل للانتقال من دور تحديد الموقف القانوني الى الاجراءات العملية ، وهذا يتطلب جهداً عربياً لدعم المقاومة والمساعدة في تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه ثم الضغط على المجتمع الدولي لمنع تساهله مع مواقف اسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني والأمة العربية .
ومع الاقرار بأهمية الشرعية الدولية في رفض وعدم اقرار مشاريع اسرائيل الاستيطانية في القدس وباقي المناطق المحتلة ، فان النظرة المستقبلية لطبيعة النشاط الاستيطاني الاسرائيلي سوف يعتمد على مؤشرات ومتغيرات أخرى أكثر فعالية ومن أهمها مدى قدرة قوات الاحتلال على استقدام اعداد كبيرة من المهاجرين اليهود بعد نضوب مصادر الهجرة الرئيسية في أوروبا الشرقية والقدرة في الحصول على الأموال اللازمة للاستيطان الذي هو بطبيعته مكلف في ظل توفير اجواء أمنية واستقرار سياسي في المنطقة ، وفي المقابل على مدى قدرة اسرائيل على طرد مجموعات كبيرة من السكان واجبارهم على مغادرة أراضيهم ومصادرة ممتلكاتهم اعتماداً على سياسات البطش والعنف الاسرائيلي وتضييق الخناق على حياتهم المعيشية.
وتشير النظرة المستقبلية الى أن المشروع الصهيوني بالرغم من تعاظمه في مجال عمليات الاستيطان والسيطرة فانه لن يستطيع تحقيق أحلام اسرائيل التوسعية وأنه سيبقى عاجزاً عن وقف صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بقضيته وان حالة الصراع في المنطقة ستستمر مستقبــــــــلا ً . لأن وجود المستوطنات سيبقى يشكل تحدياً لمشاعر العرب والمسلمين ويشعرهم بأن الوجود الاسرائيلي قائم على سلب الممتلكات والعنف وأن المستوطنين لا يمتون للمنطقة بشيء ، مما يبقى حالة الصراع قائمة .

ملاحظة

* ورقة مقدمة إلى المؤتمر الدولي للقدس في عمان
ضمن إحتفالية الأردن بالقدس عاصمة الثقافة العربية
لعام (2009)

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

5 من الزوار الآن

877762 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق