المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > الثقافة الجماهيرية > اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة (الحلقة الأولى)

13 أيلول (سبتمبر) 2018

اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة (الحلقة الأولى)

مقدمة:
كانت نكبة فلسطين أكبر عملية تطهير عرقي وتدمير وطرد لشعب أعزل في تاريخ البشرية المعاصر، حيث جاءت نتاجاً لمخططات صهيونية واستعمارية امبريالية. وتمثلت نكبة عام 1948 باحتلال الصهاينة ما يزيد على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية وتدمير 531 تجمعاً سكانياً وطرد وتشريد حوالي 85% من السكان الفلسطينيين.
وشكلت النكبة وما تلاها من تهجير حتى احتلال ما تبقى من أراضي فلسطين في عام 1967 مأساة كبرى للشعب العربي الفلسطيني، حيث تم طرد وتهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني خارج وطنهم ليقيموا في الدول العربية المجاورة وكافة أرجاء العالم وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين عام 1948 وذلك في 1.300 قرية ومدينة فلسطينية.
وكان الصهاينة قد سيطروا خلال مرحلة النكبة وما تلاها على 774 قرية ومدينة، واقترفت القوات الصهيونية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الشعب العربي الفلسطيني وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.
ومنذ أحداث نكبة 1948 وحتى منتصف العام 2008 بلغ عدد الفلسطينيين حوالي 10.5 مليون نسمة وهذا يعني أن عدد الفلسطينيين في العالم تضاعف بـ 7.5 مرة.
وإذا كانت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين من أقدم قضايا اللاجئين في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية فهي الآن من أحدث قضايا اللاجئين التي تدور حولها المفاوضات سعياً لحلها وتسويتها، ففي ظروف عالم اليوم، ومع انتشار موجات الهجرة واللجوء والنزوح في مناطق كثيرة في العالم، ومع المخاوف المتزايدة من تأثير هذه الموجات على الاستقرار، أخذت قضايا اللاجئين تحتل مكانها البارز والساخن، بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين، ليس فقط بسبب الجانب الإنساني لهذه القضية الذي تعايش معه العالم طوال السنوات الماضية وإنما لأسباب سياسية تتعلق كلها بمحاولة المجتمع الدولي الوصول إلى تسوية دائمة للصراع العربي ـ الصهيوني.
لقد ارتبط نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بإعلان دولة "إسرائيل" عام 1948 ومنذ ذلك الحين صارت هذه المشكلة جزءاً لا يتجزأ من الصراع العربي ـ الصهيوني العام وعلقت جميع محاولات تسويتها على حل ذلك الصراع. ويمكن ربط الأمن القومي العربي بقضية اللاجئين الفلسطينيين من المنظورين التاليين:
1- إن قضية اللاجئين باعتبارها جزءاً من القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الصهيوني بشكل عام تعد أحد أوجه التهديد الإسرائيلي للأمن القومي العربي حيث تبني "إسرائيل" استراتيجيتها ضد العرب على أساس منع عودة اللاجئين إلى فلسطين.
2- إن وجود اللاجئين كمجموعات بشرية داخل عدد من الأقطار العربية يؤدي إلى خلق مشكلات وإثارة توترات داخل هذه الأقطار مما يشكل مصدر تهديد لها سواء من زاوية ما تحدثه من تغيير في التوازن الديمغرافي في البلدان قليلة السكان مثل لبنان والأردن أو بما يؤدي إليه استمرار وجودها ونشاطها من مبررات للتوتر العسكري مع العدو الصهيوني.

نشوء مشكلة اللاجئين وأماكن تواجدهم:
يعد وعد بلفور وتنفيذه من قبل سلطات الانتداب البريطاني من خلال تسهيل الهجرة اليهودية وتسهيل عمليات شراء الأراضي ومصادرة الأراضي الأميرية والممتلكات الخاصة لصالح اليهود وتدريب الحركات العسكرية الصهيونية وقمع كل محاولة ومقاومة عربية، هو أساس المشكلة الفلسطينية. كما أن إصدار هيئة الأمم المتحدة لقرار التقسيم رقم 181 عام 1947 والذي يعطي اليهود 56% من أرض فلسطين و43% للشعب العربي الفلسطيني كان ضد رغبة المواطنين العرب وهم سكان البلاد الأصليين. وشكل قرار التقسيم سبباً لحرب 1948 التي تعد بداية "مشكلة اللاجئين الفلسطينيين"، حيث تم إخراج الشعب العربي الفلسطيني من وطنه فلسطين بالقوة والقتل والإرهاب، وتمت إزالة شعب بأكمله من أرضه ونقض حقوقه التاريخية الثابتة، وتم اقتلاع وتهجير 800 ألف أي 80% من السكان الفلسطينيين وتدمير 351 قرية وبلدة، لإحلال المهاجرين اليهود محل العرب الفلسطينيين سكان فلسطين الأصليين.
وزعم الإسرائيليون ـ وهي إحدى الدعايات الصهيونية المضلّلة ـ أن ما حدث سنة 1948 كان بسبب أن القادة العرب طلبوا من الفلسطينيين أن يغادروا قراهم ومدنهم ريثما تقوم الجيوش العربية بالقضاء على الدولة اليهودية، فاستجاب الفلسطينيون وخرجوا بمحض إرادتهم ولكنهم ظنوا أن خروجهم سيكون لفترة قصيرة، إلا أن العرب أخفقوا في مهمتهم وطالت الفترة وأصبح الفلسطينيون لاجئين.
لكن الحقيقة أنه كانت هناك خطة مبيتة لطرد الشعب العربي الفلسطيني من فلسطين وذلك لإنجاح المشروع الصهيوني من خلال التطهير العرقي عبر المجازر وأعمال التدمير المنهجي وعملية الاغتصاب وخلق حالة من الفزع والرعب في صفوف الشعب العربي الفلسطيني، تنفيذاً لمقولتهم الكاذبة بأن "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". وهناك مجموعة من العوامل التي تفاعلت فيما بينها وأدت إلى عملية النزوح وتتمثل العوامل بـ:
-  الخطر على أفراد العائلة، فقد كانوا يخشون أن يتعرض أحد أفراد العائلة لمكروه وخاصة الشباب منهم والنساء والأطفال.
-  الخطر على الشرف، فقد خشي البعض أن تستباح أعرافهم وتمتهن قيمهم وأعراضهم.
-  اللحاق بأفراد العائلة، كان بعض الرجال يرسلون عائلتهم إلى مكان بعيد عن الحرب ليضمنوا سلامتهم بينما يبقون هم للاعتناء بأملاكهم، وبما أنه لم يسمح للعائلات بالعودة بعد الاحتلال فقد اضطر رب العائلة أن ينزح لينضم إلى عائلته.
-  الخوف الشديد والخطر المحدقان بالمواطنين الفلسطينيين آنذاك، حيث لجأ معظم الفلسطينيين إلى المناطق المحيطة بقراهم على أمل أن يعودوا بعد توقف القتال.
-  الخوف من انتقام اليهود بعد هجوم العرب على مواقع يهودية وتحديداً المناطق العربية التي أصبحت معزولة في وسط مناطق يهودية.
وكان الترحيل والتوطين خارج الوطن، ولا يزال، من أعمدة الفكر الصهيوني الثابتة نادى به هرتزل إذ كتب في 12/6/1985: «سنحاول طرد المعدمين خارج الحدود بتدبير عمل لهم هناك، وفي الوقت نفسه سنمنعهم من العمل في بلدنا». وفي عهد الانتداب كان صوت الصهيوني العنصري فلاديمير جابوتنسكي هو المعبر الحقيقي عن الأفكار الصهيونية الخاصة بترحيل الفلسطينيين، إذ قال في تشرين الثاني/نوفمبر 1939: «ليس هناك خيار. يجب أن يخلي العرب المكان لليهود في أرض "إسرائيل"... شكراً لله فنحن اليهود لا ننتمي إلى الشرق... لذلك يجب أن نكنس الروح الإسلامية من أرض "إسرائيل"»، ولقد أدت أفكار جابوتنسكي إلى تكوين عصابة الأرغون "ايتسل" التي تزعمها مناحيم بيغن فيما بعد، وعصابة شتيرن "ليحي" التي تزعمها إسحاق شامير فيما بعد.
والجداول التالية تلخص أسباب وتجليات مشكلة اللاجئين:

(‌أ)ـ أسباب اللجوء:

أي أن 90% من القرى نزحت بسبب هجوم عسكري يهودي.

(‌ب)ـ المجازر:

(ج)ـ سلب الأراضي:

هذا يعني أن 92% من الأرض التي أقيمت عليها "إسرائيل" هي أرض فلسطينيّة.

(‌د)ـ مراحل اللجوء:

أي أن القوات اليهوديّة طردت أكثر من نصف اللاجئين وهم تحت حماية بريطانيا وقبل إعلان دولة "إسرائيل" وقبل دخول القوات العربيّة فلسطين.

(هـ)ـ المواطن الأصلية للاجئين:

أي أنّ 85% من أهالي الأرض التي أقيمت عليها "إسرائيل" أصبحوا لاجئين.
اللاجئون وأماكن اللجوء:
عمد اللاجئون الفلسطينيون خلال موجات التهجير الرئيسة في العام 1948 وكذلك في العام 1967 إلى البقاء أقرب ما يمكن إلى قراهم ومدنهم الأصلية، أملا منهم في العودة القريبة إليها. فلجأ الكثير من فلسطينيي المنطقة الجنوبية من فلسطين التاريخية في العام 1948 إلى قضاء غزة ومناطق فلسطين الوسطى، حوالي 65% منهم وجدوا في فلسطين في المنطقة غير الخاضعة للقوات الإسرائيلية (التي أصبحت تسمى الضفة الغربية وقطاع غزة واللتان تشكلان معا حوالي 22% من مساحة فلسطين التاريخية)، لهذا فقد قفز عدد السكان في مناطق الضفة الغربية من 460000 إلى 740000 خلال هذه الفترة. وفي الوقت نفسه فقد كان تأثير اللجوء على الجزء من قضاء غزة قبل 1948 والذي أصبح يعرف بـ "قطاع غزة" الخاضع للسيطرة المصرية منذ 1948 أكثر درامية وحدّة، إذ إن أعداد السكان في "القطاع" لم ترتفع من 70000 إلى 270000 فحسب، بل إن خطوط الهدنة كانت قد قطّعت أوصال السكان والطرق التجارية والعادية فيها. ولجأت بقية اللاجئين (نحو 35%) إلى الدول العربية المجاورة وهي مصر والأردن وسورية ولبنان. بالإضافة إلى عدد غير معروف من السكان الفلسطينيين الذين كانوا خارج فلسطين في العام 1948 (كالعمال والطلبة والتجار والمتنزهين) والذين لم يتمكنوا من العودة إلى قراهم ومدنهم في العام 1948. وكما هو حال اللاجئين الفلسطينيين الذين عبروا "الحدود" (خطوط الهدنة)، فإن المهجرين في الداخل والذين لجؤوا إلى القرى المجاورة لقراهم المهجرة كان لهم أمل العودة نفسه مع انتهاء الحرب.
اللاجئون في وطنهم!!
بطبيعة الحال تشتمل قضية اللاجئين الفلسطينيين على تعقيدات كثيرة" بل وفي بعض الأحيان على مفارقات كبيرة، يأتي في مقدمتها ما هو متجسد في قضية معاناة اللاجئين الفلسطينيين في "إسرائيل"، وبالمعنى الأشمل والأدق، اللاجئون في وطنهم، أي الفلسطينيون الذين ما زالوا متواجدين داخل حدود فلسطين الانتدابية ويعانون من تبعات حالة اللجوء جراء تهجيرهم وطردهم من مدنهم وقراهم الأصلية.
يطلق على اللاجئين الفلسطينيين في "إسرائيل" الذين لم تشمل غالبيتهم الخدمات التي تقدمها المفوضية العليا للاجئين ممثلة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والذين لا تقدم لهم سلطات الاحتلال الصهيوني أية خدمات، يطلق عليهم اسم "المهجرون" وهم الفلسطينيون الذين هجرتهم المنظمات العسكرية الإرهابية الصهيونية وبعدها سلطات الاحتلال الصهيوني ومنحتهم الجنسية الإسرائيلية، إلا أنها لم تمنحهم كافة حقوقهم كما تنص الأعراف والمواثيق الدولية التي شملت حق العودة أيضاً.
وتعود بدايات معاناة هؤلاء إلى المرحلة التي أعقبت حرب 1948 إذ إنه وتحت وطأة عملية التهجير/الطرد أو "الترانسفير" التي نفذتها القوات الصهيونية التي طرد خلالها 800 ألف فلسطيني وهدم أكثر من 500 قرية فلسطينية لم يبق داخل حدود "إسرائيل" إلا نحو 150 ألف فلسطيني من بينهم نحو 30ـ40 ألف مهجر من قراهم.
واتسعت قضية المهجرين بعد انتهاء حرب 1948 إذ عمدت سلطات الاحتلال الصهيوني إلى استئناف مسلسل التهجير من خلال النقل القسري للفلسطينيين من قراهم القائمة إلى قرى أخرى وذلك لتدعيم الاستيطان الصهيوني في هذه المناطق. ومن هذه القرى: اقرث وكفر برعم والغابسية وكراد البقارة وكراد الغنامة. إذ نقل سكان هذه القرى إلى قرى فلسطينية قائمة في مناطق أخرى داخل "إسرائيل"، أو هجروا إلى سورية ولبنان وتم هدم قراهم في وقت لاحق.
وقد خضع المهجرون الفلسطينيون مع أشقائهم الفلسطينيين الذين صمدوا ولم يغادروا مدنهم وقراهم عام 1948 إلى نظام الحكم العسكري الصهيوني بين الأعوام 1948ـ1966. وفي أثناء ذلك أغلقت سلطات الاحتلال الصهيوني مناطق القرى المهجرة بهدف منع القرويين/المهجرين من العودة إليها إضافة إلى تعطيل تنفيذ قرارات محكمة العدل العليا في "إسرائيل" فضلاً عن القرارات الدولية. ومن قرارات تلك المحكمة القرارات التي قضت بعودة مهجري اقرث وكفر برعم والغابسية إلى قراهم.

ويذكر أنه في عقد الخمسينات من القرن الماضي هدمت سلطات الاحتلال الصهيوني جميع القرى الفلسطينية التي طرد سكانها باستثناء ست قرى تم تحويلها إلى مناطق استيطانية.
ورغم تعمد المصادر الأكاديمية والحكومية الصهيونية التقليل من أعداد المهجرين لأسباب سياسية وأمنية إلا أن تقديرات الصليب الأحمر الدولي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي نشطت داخل "إسرائيل" بين أعوام 1950ـ1952 فقط تشير إلى بقاء 30 ألف مهجر فلسطيني ضمن حدود "إسرائيل" بعد انتهاء حرب 1948. أما اليوم فتصل أعداد المهجرين إلى نحو 40 ألف مهجر، أو ما يشكل قرابة ربع تعداد الفلسطينيين من حاملي الجنسية "الإسرائيلية" أي 250 ألف نسمة. وهذا إذا تمت إضافة أعداد قطاعات من البدو في النقب الذين تم تهجيرهم على مدار أكثر من 50 عاماً، والقرويين الذين بقوا في أراضيهم لكنهم سلبوا ملكيتها، والمدنيين المهجرين في عكا وحيفا ـ على سبيل المثال ـ الذين بقيت مدنهم قائمة بعد حرب 1948 واستطاعوا العودة إليها، ولكن سلطات الاحتلال الصهيوني منعتهم من استعادة ممتلكاتهم أو حقوقهم. وتفيد تقديرات أخرى أن عددهم هو 258750 نسمة وذلك في العام 2000 واستناداً إلى معدلات التزايد السكاني الطبيعية لدى الفلسطينيين ونسبتها 3.5%.
ينتشر المهجرون الفلسطينيون تقريباً على معظم التجمعات السكانية الفلسطينية داخل "إسرائيل"، فمن بين 69 قرية فلسطينية بقيت قائمة بعد النكبة فإن 47 قرية استوعبت مهجرين بداخلها إضافة إلى اللد ويافا وأبو غوش. كما يشكل المهجرون في عدد من القرى خاصة في الجليل الغالبية السكانية، إضافة إلى انتشارهم في المدن الفلسطينية الخاصة والمختلطة كالناصرة وحيفا.
وهناك عدد قليل من المهجرين قام ببناء تجمعات سكانية خارج نطاق قراهم الأصلية، والمثال الأبرز على ذلك هو قرية عين حوض في الكرمل. ففيما تحولت البيوت الأصلية للسكان في عين حوض إلى بيوت للفنانين ورجال الأدب في "إسرائيل"، قام المهجرون من هذه القرية ببناء بيوتهم الجديدة على بعد مئات الأمتار من قريتهم الأصلية، بدون تراخيص بناء لعلمهم أن سلطات الاحتلال الصهيوني لن تمنحهم إياها. وكذلك الأمر لتجمع " المنصورة " في منطقة المثلث، وتجمعات بدوية في الشمال والجنوب. وعموماً يتواجد معظم المهجرين في شمال "إسرائيل" حيث قراهم الأصلية التي هجروا منها. إلا أنه من أصل 162 قرية هجر سكانها كلياً في منطقة الجليل والشمال فقد بقي مهجرون في 44 قرية داخل "إسرائيل"، ومنها 11 قرية ممن بقي أغلب سكانها ضمن حدود "إسرائيل".
وعلاوة على سلب سلطات الاحتلال الصهيوني أراضي وممتلكات المهجرين داخلها واللاجئين خارجها استناداً إلى قوانين الطوارئ البريطانية الانتدابية، وأنظمة الطوارئ بشأن أملاك الغائبين لسنة 1948، وقانون أملاك الغائبين لسنة 1950، وقانون استملاك الأراضي لسنة 1953، تم في العام 1952 نقل صلاحية معالجة قضايا المهجرين من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى حكومة الاحتلال الصهيوني التي حققت من وراء هذه الخطوة هدفها الرئيسي المتمثل في طمس قضية المهجرين بشكل شبه نهائي. وذلك على خلفية اعتبارها أن التدخل الدولي الإنساني في معالجة قضية المهجرين يساهم في استمرار طرح القضية على جدول الأعمال، وفي تحريض المهجرين على العودة.
وعموماً يواجه المهجرون في "إسرائيل" مشكلات كثيرة ناجمة في الأساس عن فقدانهم لأراضيهم، وهي مصدر رزقهم الرئيس وممتلكاتهم وتحولهم من فلاحين إلى عمال غير مهرة في السوق الصهيونية، إضافة إلى بناء أو إعادة بناء حياتهم في أماكن لجوئهم. كما يعانون من حالات متطرفة من التمييز العنصري الصهيوني في الخدمات المقدمة من قبل حكومة الاحتلال الصهيوني إلى الفلسطينيين حاملي الجنسية "الإسرائيلية" ومن ضمنهم المهجرين في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وسائر المجالات مقارنة مع المواطنين اليهود في "إسرائيل". وتصل نسبة البطالة بين المهجرين وكذلك غير المهجرين من الفلسطينيين في "إسرائيل" إلى 10% في 21 قرية فلسطينية من أصل 25 قرية. كما يعاني المهجرون من فجوات كبيرة في سائر مجالات الخدمات الضرورية لتحسين نوعية الحياة.
وإزاء حالة التمييز العنصري الصهيوني واصل المهجرون منذ العام 1948 مطالبتهم لحكومات الاحتلال الصهيوني المتعاقبة والسلطات والفعاليات العربية في الأحزاب الصهيونية السماح لهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها، وقدموا التماسات إلى الجهات القضائية في "إسرائيل" وفي مقدمتها محكمة العدل العليا التي اتخذت في بعض الحالات قرارات وأحكام تقضي بعودة بعض المهجرين وخاصة مهجري إقرث وكفر برعم لكن سلطات الاحتلال الصهيوني ماطلت وامتنعت عن تنفيذ تلك الأحكام تحت حجج وذرائع كثيرة. وهذا الرفض الصهيوني لإعادة المهجرين لم يمنع المهجرين وخاصة أبناء الجيل الثاني منهم من تنظيم أوضاعهم عبر إقامة لجان محلية خاصة بقراهم، وشكلوا في العام 1992 لجنة المبادرة للدفاع عن حقوق المهجرين التي تحولت في العام 1995 إلى اللجنة القطرية للدفاع عن حقوق المهجرين تضم ممثلين عن القرى المهجر سكانها وتعتبر الممثل الشرعي لهم، ومعترف بهذه اللجنة القطرية من قبل لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب في "إسرائيل". كما تنشط في مجال الدفاع عن قضية المهجرين لجان وجمعيات أخرى فلسطينية داخل "الخط الأخضر" ومن أبرزها: جمعية الأقصى للمقدسات الإسلامية، ولجنة الأربعين للقرى غير المعترف بها، واتحاد الجمعيات الأهلية الفلسطينية في "إسرائيل".
وتضع الأحزاب السياسية العربية داخل "الخط الأخضر" قضية المهجرين ضمن أبرز اهتمامات برامجها السياسية، فمن أهداف الحركة العربية للتغيير التي يرأسها عضو الكنيست أحمد الطيبي «النضال من أجل إلغاء ضريبة الأملاك والاعتراف بالقرى غير المعترف بها وحل قضية إقرث وبرعم وقضايا المهجرين في الداخل»، ومن مبادئ حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه عضو الكنيست عزمي بشارة العمل على وقف مصادرة الأراضي والاعتراف بالتجمعات العربية غير المعترف بها، وحل قضية المهجرين داخل "إسرائيل"، بما في ذلك حقهم في العودة إلى قراهم ومدنهم والمبادرة داخل "إسرائيل"، بما في ذلك حقهم في العودة إلى قراهم ومدنهم والمبادرة لإقامة قرى ومدن عربية جديدة على ما يسمى أراضي الدولة.
ووجود قضية المهجرين على برامج الأحزاب السياسية العربية المشاركة في تركيبة الكنيست منذ الكنيست الأول وحتى الآن لم يفضِ إلى حل قضية هؤلاء اللاجئين في وطنهم الذين لا تحل قضيتهم إلا في إطار عملية حل الصراع العربي ـ الصهيوني برمته أي عبر تحرير الوطن من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

توزيع اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على الهجرة من فلسطين عام 1948:
تقول المصادر إن قوات الغزو الصهيوني، تساندها عصابات الحركة الصهيونية، وقوات الاستعمار البريطاني، قامت بطرد حوالي نصف المواطنين الفلسطينيين أصحاب البلاد الفلسطينية الشرعيين، حيث توزعوا خارج أرضهم وفق الجدول أدناه:

توزيع اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على الهجرة من فلسطين عام 1948

رعاية اللاجئين ودور الهيئات الدولية:
اهتمت هيئات دولية في أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، أهمها:
‌أ- المفوضية العليا لشؤون اللاجئين "UNHCR": تشكل هذه المنظمة الدولية متعددة الأذرع والمنتشرة في جميع أنحاء العالم أداة المجتمع الدولي الرئيسة لتوفير المساعدة والحماية الدولية للاجئين، وحين تعمل هذه المنظمة في منطقة ما يعمل تحت إشرافها حوالي ثلاثون منظمة دولية غير حكومية تقوم بتنفيذ مشروعات مختلفة لدر الدخل في المجالات الصحية والبيئية والتربوية والغذائية.
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة النظام الأساس للمفوضية عام 1950 أي بعد عام من الإعلان عن تأسيس وكالة الغوث، وقد نص هذا النظام الأساس على توفير حماية دولية للاجئين في العالم وإيجاد الحلول الدائمة لمشكلاتهم وفي مقدمتها العودة الطوعية إلى ديارهم وكذلك إعادة تأهيلهم.
ولا تعاني هذه الهيئة الدولية من أزمات مالية على غرار وكالة الغوث مثلاً وذلك بسبب أن هذه المفوضية قد نظمت علاقتها مع الأمين العام والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ويعد هذا الأخير أهم جهاز في الأمم المتحدة يتولى تقرير الموازنات والمساعدات المالية للمنظمات الدولية وحشد الدول المانحة لتوفير التمويل لبرامجها وأنشطتها المختلفة.
‌ب- لجنة التوفيق: لقد اعتبرت حالة اللاجئين الفلسطينيين في غاية الأهمية لذلك أُنشئت لجنة التوفيق الدولية لحل أزمة اللاجئ الفلسطيني، وذلك بناءً على قرار 194، وهكذا أوكلت مهمة الحماية للجنة التوفيق والتي كانت موكلة أصلاً لمفوضية اللاجئين ولكنه تفويض محدد يتعلق بمتطلبات حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.وهكذا فإن اللاجئين الفلسطينيين لا يتمتعون بتلقي أكثر من مساعدة لسد حاجاتهم اليومية عبر مكاتب الأونروا، ولهذا فقد تركوا خارج الحماية التي التزمت بها مفوضية اللاجئين وقانون اللاجئين "جنيف"، لقد تركوا دون أية حماية أو ضمانات يتمتع بها سائر اللاجئين في أنحاء العالم.
‌ج- وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الأونروا: أُنشئت وكالة الغوث في 8/12/1949، بموجب قرار الجمعية العامة رقم 3.2/4، وقد نص التفويض الممنوح للوكالة على ما يلي: "الجمعية العامة... تقرر /فقرة 5/: دون الإخلال بنصوص الفقرة 11 من قرار الجمعية 194، تقر الجمعية العامة بأن المساعدة المستمرة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين هي ضرورة للحيلولة دون حدوث حالات مجاعة ومعاناة بينهم، ومن أجل تعزيز عوامل السلام والاستقرار".
فقرة 7: إقامة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
-  الاضطلاع بتنفيذ أعمال الإغاثة المباشرة وبرنامج التشغيل بالتعاون مع الحكومات المحلية ووفقاً لما أوصت به بعثة التحقيق الاقتصادية.
-  التشاور مع حكومات الشرق الأدنى المعنية بشأن الإجراءات التي ستتخذ من قبلها تحضيراً للوقت الذي ستتوقف فيه المساعدة الدولية لمشروعات الإغاثة والتشغيل.
-  إن هذه النصوص مضافة إلى واقع ممارسة الوكالة لوظيفتها تؤكد ما يلي:
-  أن التفويض الممنوح للوكالة ينص على تنفيذ أعمال الإغاثة وبرامج التشغيل دون أن يتضمن مساعدة وحماية دولية للاجئين وكذلك تفعيل حقهم في العودة الطوعية أسوة بنظرائهم في جميع أنحاء العالم.
-  هذا التفويض لم يمنح الوكالة أحقية التصرف كآلية دولية لتنفيذ الفقرة 11 من القرار 194، ولم يطلب منها تأمين العودة الطوعية للاجئين إلى ديارهم في أي من القرارات الدولية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين وهذا على عكس التفويض الممنوح للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
-  استكملت النصوص السابقة عملية استبعاد اللاجئين الفلسطينيين من نظام الحماية الدولية وقد جرى استبعاد الوكالة ذاتها من هذا النظام الذي أوجدته الأمم المتحدة على الرغم من أن الوكالة تعد إحدى وكالاتها الرئيسة.
-  لا يوجد للوكالة نظام أساسي يحدد وظائفها وينظم عملها وصلاتها بهيئات الأمم المتحدة. وهذا على عكس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
-  تقدم وكالة الغوث تقريرها السنوي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فتصدر به الجمعية العامة القرارات اللازمة التي تتكرر كل عام، أي أنها تفتقر إلى آلية ملزمة لتوفير التمويل اللازم لبرامجها ولهذا فهي تعيش أزمة مالية كبيرة.
-  إن الإغاثة المنصوص عليها في التفويض جاءت استجابة لحاجات اللاجئين الفلسطينيين في سنوات اللجوء الأولى، وقد توقفت الوكالة عن القيام بأعمال الإغاثة بمعاييرها الدولية منذ زمن، ولقد شهدنا تراجعاً مطرداً للمساعدات وللخدمات التي تقدمها وكالة الغوث.
لقد جاء تعريف الوكالة للاجئ ضيقاً، إذ إن الأونروا حددت اللجوء على أنه ما تم بين عامي 1946ـ1952، حيث يوجد 1.5 مليون لاجئ فلسطيني لا تعترف بهم الأونروا، والسؤال الذي يطرح لمن ترك هؤلاء اللاجئون. فقد تم حصر الوكالة بدول الشرق الأدنى وهكذا تعاملت الوكالة مع اللاجئين في سورية، لبنان، الأردن، فلسطين، وشطبت من عملها اللاجئين الفلسطينيين في باقي الدول العربية والعالم.
تقوم وكالة الغوث بتأمين الخدمات الأساسية لما يقارب 3.5 مليون لاجئ فلسطيني "المسجلين رسمياً في الأونروا"، وهي تستخدم حوالي 22000 شخص وتتولى تشغيل ودعم 900 مرفق، وتواصل الوكالة من خلال برامجها العادية تقديم التعليم والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية، كما تنفذ الوكالة مجموعة منوعة من مشروعات الهياكل الأساسية وغيرها من الأنشطة في إطار "برنامج إقرار السلام"، كما أنها تدير برنامجاً "ناجحاً" لتوليد الدخل يعنى بمنح القروض لمشروعات الأعمال الصغرى والصغيرة.
تواجه وكالة الغوث عجزاً في الميزانية السنوية، ولقد أنهت الوكالة عام 2007 بعجز قدره 898 مليون دولار، بالمقارنة مع الميزانية النقدية العادية البالغة 314 مليون دولار، وذلك إلى جانب استنفاد الاحتياطي النقدي واحتياطي رأس المال المتداول، وعلى الرغم من أن الأونروا قامت بإجراءات إدارية تقشفية إلا أنه لم يطرأ أي تحسن جذري على وضعها المالي إلى الآن خاصة أن الوكالة تستعد للمساهمة في إعادة إعمار مخيم نهر البارد الذي تم تدميره أثناء تطهيره من عصابة فتح الإسلام.
وعليه فإن الأزمة المالية تهدد الوجود الفعلي للوكالة، وهذه الأزمة توجب على الدول المتبرعة أن تعيد النظر في سياستها التي تؤدي ببعضهم إلى تقليص المساهمة أو إيقافها كلياً، وهذا ينعكس على الواردات الفعلية للأونروا عبر تأخير توريد التبرعات شهراً أو سنة أو أكثر.

يوجد ثلاثة اتجاهات بشأن مستقبل الوكالة:
1- الاتجاه الأول: الاتجاه الدولي الداعي لإنهاء الوكالة ارتبط بالحلول والتسويات الجاري تنفيذها في المنطقة وليس ارتباطاً بتطبيق تنفيذ القرار 194، وهذا الاتجاه يريد إنهاء الوكالة بإحدى طريقتين: ربطها بالسلطة الوطنية الفلسطينية على طريق تحويل صلاحياتها بالتدرج لهذه السلطة ومن ثم إنهاءها إنهاءً كاملاً، وهذا هو الموقف الأوروبي كما برز في اجتماع الدول المانحة في عمان 1995، الثاني هو تحويلها بشكل متدرج إلى وكالة تطوير تنسق مع السلطة الفلسطينية ولكن لا تخضع لمسؤوليتها وهذا هو الموقف الأمريكي في اجتماع عمان المذكور نفسه.
2- الاتجاه الثاني: الداعي إلى استمرار عمل الوكالة إلى حين قيام الدولة الفلسطينية نتيجة لمفاوضات المرحلة النهائية، وحينئذ يمكن إنهاء الوكالة وتحويل المسؤولية عن اللاجئين إلى السلطة الوطنية "تردد هذا الطرح على ألسنة بعض الأكاديميين الصهاينة مثل عمانوئيل ماركس".
3- الاتجاه الثالث: لا يمكن إنهاء الوكالة طالما لم يتم تحقيق الحقوق المشروعة للاجئين الفلسطينيين ولم يتم تطبيق القرار 194.
4- وحول علاقة الوكالة مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فإنه وإن تعددت الآراء في هذا المجال فإنه من الأفضل أن تبقى الوكالة مع العمل على ربطها بالمفوضية في الوقت نفسه وذلك للأسباب الآتية:
1- إن الحفاظ على الوكالة ضروري من أجل إبقاء القرار 194 حياً، ومن أجل الحفاظ على الاعتراف الدولي لخصوصية قضية اللاجئين.
2- الوكالة لوحدها لا تكفي بسبب الثغرات التي ذكرت فلابد من ربطها بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ولابد من وضع صيغ مناسبة للتنسيق بين الوكالة والمفوضية.
تعريف اللاجئ:
هناك تعريفات كثيرة للاجئ منها:
1- تعريف ميثاق الأمم المتحدة للعام 1951 للاجئ بشكل عام: ينطبق مصطلح لاجئ على أي شخص: "مقيم خارج وطنه بسبب خوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب العرق، الدين، الجنسية، العضوية في مجموعة معينة أو رأي سياسي وغير قادر أو غير راغب بسبب هذا الخوف أن يستفيد من حماية هذا البلد له، أو لا يملك الجنسية وكونه خارج بلد إقامته لا يستطيع أو بسبب الخوف لا يرغب في العودة إلى وطنه". أما اللاجئون الفلسطينيون، المسجلون مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" فقد تم استثناؤهم قانونياً من تعريف المؤتمر، وتنص الفقرة أ. د. من هذا الميثاق على ما يلي: "عدم جواز تطبيق هذا الميثاق على الأشخاص الذين يتلقون في الوقت الحاضر حماية ومعونة من أجهزة ووكالات الأمم المتحدة عبر المفوضية العليا للاجئين".
2- تعريف الأونروا: اللاجئ الفلسطيني يجب أن يعني: "أي شخص كانت إقامته العادية في فلسطين وذلك لفترة سنتين قبل النزاع في سنة 1948، والذي فقد من جراء هذا النزاع داره ومورد رزقه". كما تعتبر الأونروا الفئات التالية جديرة بالحصول على خدماتها:
-  ذرية "أبناء وأحفاد" لاجئي فلسطين "الآباء" المولودين بعد 14 أيار 1948.
-  غير اللاجئين المحرومين وذرياتهم الذين فقدوا مصدر رزقهم نتيجة صراع 1947ـ1948.
-  سكان القرى الحدودية في الضفة الغربية.
-  فقراء القدس في الضفة الغربية.
-  فقراء غزة في قطاع غزة.
-  أفراد القبائل البدوية والقبائل شبه البدوية.
وتنظر الوكالة لكل من غادر فلسطين حتى 1952 أنه لاجئ، أما بعد ذلك فلا.
وعند مقارنة كل من تعريف الوكالة وتعريف الميثاق، فإننا نجد أن تعريف 1951 هو أفضل إذ إنه يتضمن صنفين، الأول، من لجأ بعد الحرب، الثاني، من كان خارج بلده وقت الحرب. فيما يقتصر تعريف الوكالة على الصنف الأول فحسب، ويحرم الفلسطينيين الذين كانوا خارج فلسطين قبل 1946، وكذلك الحال بالنسبة لأولئك الذين كانوا خارج الضفة والقطاع منذ 1952 فصاعداً حتى نصل إلى 1967.
المفهوم الفلسطيني للاجئ: المادة الخامسة من الميثاق وهي مادة لم تشمل ضمن البنود التي ألغيت عام 1996 تقول: "هم المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى عام 1947، سواء من أخرج منها أو بقي فيها وكل من ولد لأب عربي فلسطيني بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني".
ويلاحظ أن تعريف الوكالة أفضل من هذا التعريف، وذلك لأنه يشمل كل من كان في فلسطين حتى عام 1946.
3- تعريف فلسطيني: قدم الجانب الفلسطيني في المحادثات المتعددة الأطراف تعريفاً للاجئ الفلسطيني فحواه "اللاجئون الفلسطينيون هم كل الفلسطينيين أو نسلهم الذين طردوا أو أجبروا على مغادرة بيوتهم بين قرار التقسيم تشرين الثاني/نوفمبر 1947 وحتى اتفاقات رودس كانون الثاني/يناير 1949 من الأراضي التي سيطرت عليها "إسرائيل" منذ ذلك التاريخ. وهذا التعريف أسوأ من التعريف الذي سبقه لأنه لا يتجاوز فقط عام 1946 إلى عام 1947 بل يتجاوز أيضاً اللاجئين حتى عام 1949، وهذا تنازل عن السقف الذي أعطتنا إياه الوكالة.
تعريف النازح: حسب اقتراح الوفد الفلسطيني في مفاوضات اللجنة الرباعية "النازحون أولئك الأفراد وعائلاتهم وأسلافهم الذين غادروا الضفة الغربية وقطاع غزة أو كانوا غير قادرين على العودة إلى منازلهم كنتيجة لحرب 1967".

واقع اللاجئين ووضعهم القانوني :
يعد اللاجئون الفلسطينيون ـ بمن فيهم المهجّرون في الداخلـ اليوم من أضخم المجموعات المهجرة في العالم وأوسعها انتشاراً، إذ يشكلون حوالي ثلث مجمل تعداد اللاجئين في العالم. وينقسم اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون إلى خمسة قطاعات رئيسة، فيشكل قطاع اللاجئين ممن هجروا في العام 1948 من ديارهم القطاع الأساس للاجئين الفلسطينيين، وينقسم هذا القطاع بدوره إلى قسمين أساسيين، الأول ممن يتلقون المساعدة الدولية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أو ما يطلق عليهم "اللاجئين المسجلين"، والثاني وهو قطاع أقل عدداً ممن لا يتلقون مثل هذه المساعدة من الوكالة، "اللاجئين غير المسجلين". أما القطاع الثاني من اللاجئين فهم اللاجئون الفلسطينيون الذين هجروا من بيوتهم للمرة الأولى في العام 1967 من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (ويعرفون بالنازحين الفلسطينيين في العام 1967). أما القطاع الثالث فيشمل اللاجئين الفلسطينيين من غير لاجئي عامي 1948 أو 1967، ويتواجدون خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وغير قادرين أو غير راغبين بفعل سحب الإقامة أو إلغاء لمْ شمل العائلات أو الطرد والخوف والاضطهاد في العودة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هنالك قطاعين إضافيين من المهجرين في الداخل، يضم الأول، المهجرين "الداخليين" ممن بقوا في المناطق الفلسطينية التي قامت عليها "إسرائيل" في العام 1948 ومنعوا في الوقت نفسه من العودة إلى قراهم ومدنهم بعد انتهاء الحرب، فيما يشمل القطاع الثاني المهجرين في داخل المناطق المحتلة عام 1967.
تشير آخر الإحصائيات إلى أنه منذ نكبة 1948 وحتى منتصف العام 2008 بلغ عدد الفلسطينيين حوالي 10.5 مليون نسمة وهذا يعني أن عدد الفلسطينيين في العالم تضاعف بـ 7.5 مرة.
وحسب سجلات وكالة الغوث لنهاية العام 2007، بلغ عدد اللاجئين في كل من الأردن وسورية ولبنان والأراضي الفلسطينية حوالي 4.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل يتوزعون بواقع 42% في الأردن و10% في سورية، و9% في لبنان، وفي الضفة الغربية 16%، وقطاع غزة 23%، يعيش حوالي ثلثهم في 59 مخيماً تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن و10 في سورية، و12 مخيماً في لبنان و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة. وقد بلغ متوسط حجم الأسرة للفلسطينيين في الأردن حوالي 5.1 فرداً في حين بلغ 4.1 في سورية و3.8 في لبنان.
وهذه النسب تمثل الحد الأدنى من الزيادة السنوية للاجئين، وإذا تم الأخذ بالاعتبار اللاجئين غير المسجلين وحسب تقديرات الوكالة ذاتها يصبح عدد اللاجئين بعد 60 عاماً على النكبة يزيد عن نصف الفلسطينيين في العالم ولا يشمل من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية عدوان حزيران/يونيو 1967 "حسب تعريف وكالة الغوث للاجئين" ولا يشمل أيضا الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية الحرب والذين لم يكونوا لاجئين أصلاً.
وأشارت البيانات لعام 2007 إلى أن 44.6% من السكان الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية لاجئون (حوالي 1.7 مليون لاجئ)، يتوزعون بواقع 31.0% في الضفة الغربية، و67.6% في قطاع غزة. تعد الخصوبة في الأراضي الفلسطينية مرتفعة إذا ما قورنت بالمستويات السائدة حالياً في الدول الأخرى، فقد وصل معدل الخصوبة الكلية عام 2006 في الأراضي الفلسطينية 4.6 مولود، بواقع 4.2 في الضفة الغربية و5.4 في قطاع غزة.
وأفادت البيانات إلى أن الفلسطينيين في الشتات يعانون من جملة من التحديات الصحية، لعل أبرزها ارتفاع معدلات الوفاة بين الأطفال، حيث سجلت أعلى معدلات وفيات للرضع والأطفال دون الخامسة بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مقارنة مع نظرائهم في كل من الأردن وسورية، حيث بلغت هذه المعدلات في لبنان على التوالي (26.0 و31.0 لكل 1000 ولادة حية) في العام 2006.
الوضع القانوني للاجئين:
في سنة 1964 تبنت جامعة الدول العربية "بروتوكول الدار البيضاء" الذي وسع مجال حقوق الفلسطينيين لمنحهم حرية التنقل من قطر عربي إلى آخر مجاور، والعودة إلى قطر إقامتهم من دون عائق، وهذا البروتوكول لم يكن سوى بيان حسن نية أكثر مما هو التزام من قبل الدول الأعضاء، ولقد تبنت الحكومات العربية مواقف متمايزة في تنفيذ بروتوكول الدار البيضاء، فقد عمدت دولتان عربيتان فقط، فيهما وجود كبير للاجئين، هما سورية والأردن إلى تنفيذ جميع بنود البروتوكول، بينما لم تنفذها الكويت ولبنان قط، ونفذتها مصر وليبيا بصورة غير منسقة، وبقي وضع اللاجئين حكراً على الأوضاع السياسية السائدة في المقام الأول، ولقد أدت حرب الخليج إلى جعل معظم الدول تعلق رسمياً تنفيذ البروتوكول واستبداله بتدابير مؤقتة تفتقر إلى الوضوح والتماسك.

مسألة اللاجئين الفلسطينيين في العراق ومصر ولبنان :
ينحدر الفلسطينيون المتواجدون في العراق من قرى مثلث الكرمل (إجزم، عين غزال، جبع، قضاء حيفا والقرى المحيطة بها، الصرفند، المزار، عارة، عرارة، الطنطورة، الطيرة، كفر لام، عتليت، أم الزينات، أم الفحم وعين الحوض)، حيث استعصت قرى مثلث الكرمل على العصابات الصهيونية لمدة ثلاثة أشهر بعد سقوط مدينة حيفا، وفي الوقت الذي كانت فيه منطقة مثلث (جنين، طولكرم، نابلس) مسرح عمليات الجيش العراقي أي على تخوم قضاء حيفا، وبفعل الصمود والمقاومة التي شهدتها منطقة مثلث الكرمل (إجزم، جبع، عين غزال) ضد العصابات الصهيونية واستعصائها عليها، كان من الطبيعي أن يتم التواصل والتنسيق بين سكان هذه القرى والجيش العراقي المتاخم لهم في جنين، حتى إن الجيش العراقي كان يدرب المقاومين على استخدام أجهزة اللاسلكي التي غنموها أو أخذوها من الجيش العراقي.
ومن دون الدخول في تفاصيل سقوط مثلث الكرمل، فقد نزح سكانه وبعض سكان القرى المحيطة في سيلٍ من البشر باتجاه مدينة جنين، وبعد أن استولى الجيش العراقي على مدينة جنين، قام عبد الإله الوصي على عرش العراق والملكة عالية ملكة العراق آنذاك بزيارة لمدينة جنين لتفقد وحدات الجيش العراقي هناك، ورأوا بأعينهم ما آل إليه وضع الفلسطينيين المهجرين من قرى مثلث الكرمل، وأثنائها قام قائد القوات العراقية بوصف مشهد الشجاعة والصمود الذي صمده أبناء هذه القرى وتعاونهم مع الجيش العراقي، أمام هذا المشهد المؤلم أمرت الملكة عالية والأمير عبد الإله بأن يتم نقل هؤلاء اللاجئين ليحلوا ضيوفاً على الحكومة العراقية والشعب العراقي، وبالفعل نقلت عائلات اللاجئين باستثناء الشباب القادر على حمل السلاح في شهر آب/أغسطس من عام 1948 بواسطة آليات الجيش العراقي عبر الأردن، فيما شكل الجيش العراقي من الشباب الباقين (فوج الكرمل) ليقاتل تحت إمرة الجيش العراقي، ثم التحق أفراد هذا الفوج بعائلاتهم بعد انقضاء الحرب وبعد أن استصدروا جوازات سفر أردنية ليتمكنوا من دخول العراق.
الوضع القانوني:
بعد وصول اللاجئين الفلسطينيين إلى العراق عام 1948 أصبح هؤلاء تحت ولاية وزارة الدفاع العراقية حيث تم توزيع سكنهم في المقرات الحكومية التي لا تستخدم عادةً في فترة العطلة الصيفية مثل دار المعلمين وكليات الجامعة، ومع انتهاء العطلة الصيفية تم توزيعهم على مناطق مختلفة من العراق بين البصرة وبغداد والموصل في معسكرات وأندية تتبع للحكومة، وكان لهم مخصصات من الطعام والغذاء بشكل يومي كباقي قطع الجيش العراقي، إذ كانوا يعتبرون جزءاً من قطع الجيش في هذه الناحية، وبقي الحال هكذا حتى عام 1950 حيث انتقلت ولايتهم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ضمن مديرية خاصة سميت مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق، حيث أعيد توزيع سكن الفلسطينيين وفق نظام السكن الجماعي في الملاجئ، ومع تشكيل وكالة الإغاثة الدولية (الأونروا) كان الفلسطينيون في العراق مشمولين برعايتها، إلا أن الأونروا لم تمارس مهامها في العراق إلا لأشهر قليلة خرج بعد ذلك العراق من مناطق عمليات الأونروا بطلب من الحكومة العراقية وبموجب اتفاقية بين الحكومة العراقية والأونروا بأن تقوم الحكومة العراقية برعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق مقابل إعفاء العراق من أي التزام مالي للأمم المتحدة بهذا الخصوص، وفعلاً خرج الفلسطينيون في العراق من ولاية الأونروا، وفي هذه الأثناء خصصت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل العراقية مبلغ 160 ألف دينار كميزانية لمديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين، وكانت مخصصات الأفراد: 100 فلس للكبير، و50 فلساً للصغير يومياً، إلا أن هذه المخصصات بدل أن تزيد مع الزمن كانت تنقص بسبب ثبات الميزانية وازدياد عدد الفلسطينيين، فلم تزدد الميزانية المخصصة للمديرية بين أعوام 1955 و1973 سوى 50 ألف دينار فقط في الوقت الذي زاد فيه أعداد الفلسطينيين في هذه الفترة أربعة أضعاف تقريباً من (3500 إلى 14000)، ومع ذلك لم يكن جميع الفلسطينيين في العراق مشمولين برعاية مديرية شؤون اللاجئين فقد كان لهذه المديرية شروطها في تسجيل الفلسطينيين مثل: أن يكون من بلد محتل عام 1948، وأن يكون دخل العراق وأقام فيه قبل 25/09/1958، ولغرض لمّ الشمل، أجازت الوزارة ضم الزوجة إلى زوجها المسجل قبل عام 1961 ولا يجوز العكس أي ضم الزوج إلى زوجته.
هذا من ناحية ولاية ورعاية الفلسطينيين في العراق أما من ناحية القوانين الصادرة بحقهم فقد بقي وضعهم القانوني ضبابياً قابلاً للتأويل بألف تفسير حتى صدور القرار الشهير 202 عام 2001، ففي عام 1961 صدر قرار مرقم بـ 26 ينظم عملية منح الفلسطينيين في العراق وثائق سفر خاصة ويحدد مدة صلاحيتها، وفي عام 1964 صدر قرار بمعاملة الفلسطيني معاملة العراقي في الوظائف الحكومية من حيث الرواتب والعلاوات، لكن الفلسطيني استثني بموجب هذا القرار من حصوله على امتياز الخدمة التقاعدية بحجة أن ذلك قد يدفعه للتمسك بالبقاء في العراق والتفريط بحق العودة، ومنح الفلسطيني المنتهية خدمته راتب شهر واحد عن كل سنة من خدمته، وفي العام 1965 صدر قرار بشطب كلمة (اللاجئين) من وثائق السفر.
بعد عدوان حزيران/يونيو 1967 قام وزير الشؤون الاجتماعية والعمل (أحمد الحبوبي) بزيارة للملاجئ التي يسكنها الفلسطينيون وهاله ما رأى من البؤس الذي يعيشه الفلسطينيون، ونورد نص الرسالة التي رفعها لمجلس الوزراء العراقي آنذاك:
"قمت بزيارة للملاجئ التي يسكنها إخواننا الفلسطينيين فهالني ما رأيت ولا أبالغ لو شبهتها بقبور يسكنها أحياء. فهي لا تختلف عنها من قريب أو بعيد، فليس للشمس مكان فيها أو منفذ إليها، كما أن الهواء النقي مطرود منها، بناؤها قديم متآكل يتهدد أرواح ساكنيها فيعيشون في قلق دائم وخوف مقيم، إن الغرفة الواحدة التي مساحتها 3 م×3.25 م تسكنها عائلة يتراوح أفرادها بين 7ـ12 نسمة، وهي محل للطبخ ولغسيل الملابس والصحون والاستحمام والنوم والأكل وهي بنفس الوقت ساحة للعب الأطفال، وليس هناك حاجزٌ أو فاصل بين عائلة وأخرى وفي هذا ما فيه من خطورة ومحاذير ومشكلات تنجم من اختلاط الفتيات بالفتيان فضلا عما يتهدد الصحة من احتمال انتشار الأمراض والأوبئة خاصة وأن النظافة في هكذا أماكن تكاد تكون معدومة، إن المشكلة أكبر من أن توصف وكما يقول المثل (ليس السامع كمن رأى). إن الإنسان في هذه الأماكن يفقد آدميته وتستحيل حياته إلى ما يشبه حياة الحيوان، أقول ذلك وكلي ألم وأنا موقن أن مجلسكم الموقر سيولي هذه المشكلة العناية اللازمة لإنقاذ هؤلاء المساكين من الحالة المزرية التي يعيشونها وقد دب اليأس في نفوسهم وباتوا في ريب حتى من الأمل في إنقاذهم مما هم فيه فاستسلموا لليأس. ولا أكتمكم مدى المرارة التي رافقتني وأنا أرقب نظرات الأطفال والنساء والشيوخ وقد شحبت وجوههم وغاضت نضارتها وهي ترمقني بعتب محض ولسان حالهم يقول (أهكذا يعيش العائدون؟)".
على إثر هذه الرسالة اتخذت الحكومة العراقية قرار 1 لسنة 1968 تتضمن توصيات بتخصيص أراضٍ للفلسطينيين مع سلف لمواد بناء، وجرى إصدار تعليمات خاصة بالفلسطينيين تتضمن إعانات نقدية منتظمة.
لكن لم يقدر لهذا القرار أن يخرج عن إطار التوصية، فقد جاء انقلاب تموز/يوليو 1968، إلا أن مجلس قيادة الثورة قد أصدر القرار رقم 366 المتخذ بجلسته المنعقد ة بتاريخ 17/08/1969 والذي عالج في نصه قضايا أهمها:
-  إنشاء مجمعات سكنية شعبية على غرار مدينة السلام يتوفر فيها كافة الشروط الصحية (كمجموعات سكنية متكاملة الخدمات) وتبقى هذه الدور ملك للدولة يتمتع الفلسطيني بمنفعتها مادام موجوداً في العراق ولا يحق له شراء الأراضي والبناء وطلب السلف التعاونية والعقارية.
-  مساواة الفلسطينيين بالعراقيين عند التعيين والترفيع والتقاعد على أن يبقى مشروطاً بالإنهاء في حال عودتهم إلى ديارهم.
ولم يسمح لهم مع ذلك بالترشح لمجلس الإدارة حتى عام 1971 حيث سمح للفلسطينيين بالتدرج الوظيفي حتى منصب مدير عام.
في عام 1980 صدر قرار مجلس قيادة الثورة رقم 215 والذي يحق بموجبه تملك الفلسطيني المقيم إقامة دائمة دار للسكن بعد التدقيق وأخذ موافقة وزارة الداخلية والموافقات الأمنية اللازمة، على أن تسجل الدار التي اشتراها الفلسطيني المقيم باسم وزارة المالية.
وفي عام 1983 صدر قرار يوجب على الفلسطيني استصدار موافقة المؤسسة العامة للعمل والتدريب المهني عند عمله أو انتقاله لعمل آخر حتى ضمن القطاع الخاص، وهددت التعليمات كل من يخالفها بحمله على مغادرة البلاد ومنع دخوله مستقبلاً.
في عام 1987 صدر قرار من مجلس قيادة الثورة السابق رقم 936 والذي يحق بموجبه للفلسطيني المقيم إقامة دائمة تملك قطعة أرض سكنية أو دار سكنية أو قطعة أرض زراعية.
لكن في عام 1989 صدر قرار يوقف العمل بالقرار 215 الصادر عام 1980 والقرار 936 لعام 1987 لمدة خمس سنوات، وفي نهاية المدة صدر قرار في 07/03/1994 عن مجلس قيادة الثورة رقم 23 ينص على: (يوقف العمل بالقوانين والقرارات التي تجيز تملك غير العراقي العقار أو استثمار أمواله في الشركات داخل العراق، وكل ما من شأنه التملك أو الاستثمار في أي وجه كان)، وأصبح وضع الفلسطينيين القانوني في العراق عرضةً لتأويلات أصغر موظف حكومي، وأصبح لا يحق للفلسطيني تملك ولو خط هاتف، بقي الحال هكذا حتى صدر القرار 202 عن مجلس قيادة الثورة في جلسته المنعقدة بتاريخ 12/09/2001 والذي نص: (يعامل الفلسطيني المقيم إقامة دائمة في العراق معاملة العراقي في جميع الحقوق والواجبات باستثناء الحق في الحصول على الجنسية العراقية). كان هذا القرار الذي جاء بعد سبع سنوات على القرار 23 لعام 1994 وبشكل غير قابل للتأويل لوضوح القرار بشكل كبير، إلا أن الفلسطينيين في العراق لم يقدر لهم أن يتمتعوا بأول امتيازٍ قانوني واضح لهم منذ عام 1948، فبعد عامين فقط سقطت بغداد وسقط معها هذا القرار لتحل مكانه قرارات الاحتلال والمتعاونين معه، وتم التعامل مع الفلسطيني على أنه عدو يجب التخلص منه قتلاً وتشريداً!
الفلسطينيون في العراق بعد الاحتلال الأمريكي:
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في نيسان/إبريل 2003 بدأت حملة تحريض منظمة ضد الوجود الفلسطيني في العراق عموماً وبغداد خصوصاً، وبدأ منها مسلسل الخطف والتعذيب والتمثيل بالجثث، ليصل عدد الشهداء من ضحايا التحريض إلى أكثر من 80 شهيداً ومئات الجرحى وعشرات المعتقلين دون تهمة، ناهيك عن الذين اعتقلوا وخرجوا.
ومن دون الدخول في تفاصيل عمليات القتل ضد الفلسطينيين في العراق، يمكن تلخيص مشهد مأساتهم عندما نرى أنه لا تزال صورة المشهد الفلسطيني في العراق مغيبةً إلى حدٍ كبير رغم كل القتل والخطف والتعذيب والحصار المفروض عليهم منذ بدء الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وربما يعزى ذلك إلى ضعف الإعلام العربي عموماً، وضياع صورة المشهد وسط حالة الفوضى العارمة التي تعم أرجاء العراق، ثم إن قلة الوثائق التاريخية التي تؤرخ للوجود الفلسطيني في العراق قد ساهمت نوعاً ما في تغييب صورتهم عن واجهة الإعلام.
تحت ولاية من؟
أول دخول لمنظمة الأمم المتحدة من خلال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عام 2003 حين أجرت المنظمة إحصاءً للفلسطينيين في العراق وكانت النتيجة (23520) لاجئاً فلسطينياً فيه، ثم قامت المفوضية بإيصال المعونات الغذائية للفلسطينيين المقيمين في الخيام في نادي حيفا، بعد أن أخرج هؤلاء من بيوتهم التي سكنوها لسنوات بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عندما هجم بعض الأهالي بحجة أن هذه البيوت لهم وأن النظام السابق قد أجّرها بثمن زهيد للفلسطينيين، وأُخرج هؤلاء من تلك البيوت ليعودوا للخيام في نادي حيفا، بعد ذلك قامت المفوضية باستئجار بيوت لهم، وما تزال المفوضية تتابع أوضاع الفلسطينيين في مخيمات الرويشد والهول والتنف، في الوقت الذي تنصلت وكالة الأونروا من مسؤولياتها تجاه هؤلاء رغم كل ما يتعرض له الفلسطينيون سواء في مخيمات التهجير الثانية أو في داخل العراق.

أمام هذا المشهد المغيب أو الذي أريد له أن يغيّب، أصبحت وكالة الأونروا في حلٍّ من اتفاقها مع الحكومة العراقية التي أخرجت الفلسطينيين في العراق من ولاية الأونروا عام 1958، إلى أين يسير هؤلاء الفلسطينيون في الوقت الذي لا يخضعون لولاية منظمة دولية ولا لحكومة عربية أو غير عربية؟ ووطنهم فلسطين تنهش فيه الذئاب منذ عام 1948.
بضعة آلاف من مجمع البلديات والزعفرانية من الفلسطينيين قد شكلوا من هول القتل مخيمات في (الرويشد في الأردن، وطريبيل بين الحدود العراقية الأردنية، والهول شمال شرق سورية، والتنف بين الحدود السورية العراقية)، وبعبارة أبسط هذا هو مشهد لتشرد المشردين أصلاً، نكبة أخرى تعيد نفسها في القرن الحادي والعشرين.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

10 من الزوار الآن

880045 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق